IMLebanon

العبرة بالتأليف

العبرة بالتأليف

الكلّ يدعو إلى الإسراع في تشكيل الحكومة لضرورات «إقتصاديّة» والحقيقة أنّ الأمر أبعد بكثير من الضرورات الاقتصاديّة، هي قلق ومخاوف العقوبات الإقتصاديّة على حزب الله وحلفائه، وإن صحّ الكلام عن مهلة ثلاثة أشهر حدّدها الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة وإلا الاعتذار، يكون بذلك قد فعل عين الصواب، فقد ذاق تجربة مريرة في أوّل حكومة له عام 2009 مع حزب الله وحلفائه يوم كانوا أقليّة وعطّلوا تشكيل الحكومة حتى اضطروه للاعتذار.

 

من غير الواضح حتى الآن من سيكون طليعة المعرقلين ولكن عملياً هذه الحكومة لن تكون متوازنة، خصوصاً وأن فريقاً يعتبر أنّه يحوز الأكثريّة في المجلس النيابي، وهو بالتأكيد لن يكتفي بثلثي الوزراء في الحكومة العتيدة لأنّه لن يترك ثلثاً معطّلاً لفريق لا يملك أكثريّة في البرلمان، وكلّ الخوف أن تكون هذه الحكومة «مرحليّة» إلى حين تحقيق الأغراض الماليّة منها ثم يتمّ الإطاحة بها، كما أطيح بحكومة الحريري عام 2010!

111 نائباً سمّوْا الحريري لتشكيل حكومته الثالثة منذ العام 2009، وفي أول تكليف له العام 2009، 83 صوتاً واعتذر بعد 73 يوماً، ثم أجريت استشارات جديدة في أيلول من العام نفسه فحصل على 73 صوتاً وأعيد تكليفه، وفي حكومته التي تصرف الأعمال حاز 112 صوتاً، عادةً لا تعني الأرقام شيئاً عند التكليف بتأليف الحكومات في لبنان، العبرة تكون بالتأليف، من يتذكّر اليوم الأشهر العشرة التي عانى خلالها الرئيس تمام سلام من كل عثرات الدنيا حتى استطاع تشكيل حكومته، بالتأكيد لا أحد؟!

الحقائب السياديّة أربع فقط، وكل الفرقاء يريدون حقيبة سياديّة تتناسب وحجمهم الانتخابي، والحقائب «المدهنة» والتي لا تقلّ أهميّة عن الوزارات السيادية معدودة، أمّا الباقي فتصنف حقائب هامشيّة وكل فريق يعتبر أنها لا تناسب إنتصاره، وإن قبل بواحدة منها فبشرط أن يكون قد حاز حصته من السيادية والمحرزة مالياً عندها يقبل بوزارة هامشية ما، من أين سيأتي الرئيس الحريري بكل هذه الحقائب، خصوصاً أن حكوماتنا «ثلاثينيّة» متورّمة؟!

نشفق على الرئيس الحريري من الأفخاخ التي ستنصب له خصوصاً من قبل التيار الوطني الحرّ الذي يصنّف حليفاً له؛ والفخّ الأول سينصب له تحت عنوان تقاسم الحصص من مقدرات الشعب ويصادروها كأنّهم ورثوها عن آبائهم، وإن نجا من شرك التأليف فبانتظاره داهية أشمل وأعم وهي سبب خراب لبنان بثلاثية مزورة كذوبة هي «شعب وجيش ومقاومة»، وإن خلص من كلّ هذه العوائق، ستأتي اللحظة الحاسمة فيبل يديه في بلد مشحون بمخاوف الفتن وسيف العقوبات المرفوع فوق رأسه، والمؤشرات الخطيرة لامتداد الاشتعال السوري الذي يأخذ أبعاداً دراماتيكيّة دوليّة لإخراج إيران من سوريا، وما يمكن أن يصل إلى الأرض اللبنانيّة من نيران منتظرة، وبانتظار ما سيرثه من أعباء حزب الله وجنونه الإقليمي والحال المزرية التي وصل لبنان إليها بسببه وعلى كلّ المستويات!!

بالمناسبة، لا شيء يدعو إلى التفاؤل في بلدٍ «عويص» كلبنان، لا شيء على الإطلاق!

ميرڤت سيوفي