IMLebanon

نقط الحلحلة على حروف التأليف  

 

تدور إطارات التأليف بسرعة «مدوزنة» فلا هي محكومة بالإستعجال ولا هي مستسلمة الى البلادة. ولا شك في أن لقاء القصر الذي عقد عصر أمس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف الشيخ سعد الحريري قد وضع الكثير من نقط الحلحلة على حروف التأليف من دون أن ينتهي بإصدار التشكيلة التي يلزم طبختها المزيد من البهارات هنا والملح هناك… وربما دفعة إضافية من الوقود قبيل إعلان ساعة الصفر لإصدار التشكيلة.

 

الرئيس عون تحدّث، أمس، في مناسبتين وتناول في إحداهما «التأليف» فأشار الى أنه يسعى مع الجميع لتشكيل حكومة تُقدّم للعالم صورة عن وجه لبنان المشرق.

وهذا الكلام جميل من فخامته الذي يبدو متفائلاً أكثر من الكثيرين في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة كون الوضع اللبناني الداخلي محاطاً بالكثير من الوقائع والأحداث والتطورات والمستجدات اليومية وأيضاً الكثير من تداعياتها على الداخل اللبناني. والرئيس سعد الحريري يشاطره تفاؤله. أما الرئيس نبيه بري فيستعجل التأليف خصوصاً أن الوضع الإقتصادي لا يبشر بالخير، والعكس صحيح، وهو ما كان مدار بحث أمس بينه وبين المستشارة ماركل رئيسة الحكومة الألمانية.

ولعل أكثر ما لفت أمس وسرق الأضواء، في لبنان، عن زيارة ماركل، التي توصف بأنها «الرجل الوحيد» في الإتحاد الأوروبي، كان التحذير القوي الذي وجهه البنك الدولي الى بلدنا حول وضعنا الإقتصادي. وهذه المؤسسة الدولية المهمة جداً لا تزال تثير الجدال الحاد حولها، بين من يتحدث عن دورها في الإقتصاد العالمي (وبالتالي وضع العالم الإجتماعي) بكثير من الإيجابية، وبين من يرى فيها مجرّد بوق يردد علناً ما تقول به سراً «الإمبريالية العالمية» وبالذات الولايات المتحدة الأميركية.

وفي أي حال فإن البنك الدولي دقّ جرس الإنذار في وجه المسؤولين اللبنانيين… وبالتالي لا يمكن تجاوز الإنذار الذي طلع به أمس حول المسار الإنحداري للوضع الإقتصادي اللبناني، وهو في الأساس وضع معروف وملموس… ولو أخذنا المثال الفاقع على ذلك كلّه ما يلمسه المواطن اللبناني العادي بنفسه الذي يدرك بداهة وممارسة أن «العملة» لم تعد لها قيمة، وإن مرتبه الشهري الذي كان يكفيه خمسة عشر يوماً في الشهر تدنّت قيمته في العام الماضي فلم يعد يسدّد له نفقات عشرة أيام معدودة من تكاليف الحياة.

يحدث هذا في وقت أدى ازدياد سعر صفيحة البنزين نحو عشرة آلاف ليرة في الأشهر الأخيرة الى مضاعفة الأعباء على عاتق المكلّف اللبناني. ما يدعونا الى المقارنة بين اليوم والأمس البعيد فقد مضت الزيادة (وإن كنا نعرف أسبابها في بورصة أسعار النفط) من دون أي رد فعل جدي سوى بضع كلمات من هذا القيادي النقابي أو ذاك. أما في الماضي فأدّى ارتفاع سعر صفيحة البنزين ربع ليرة (فقط ربع ليرة أي 25 غرشاً) الى اضرابات وتظاهرات وصدامات. طبعاً لا ندعو الى ذلك إنما نقول بدور للسلطة تحمي به صغار الكَسَبَة، يبدأ في تقديرنا بتشكيل الحكومة.