IMLebanon

ليل القنابل

من سيعلن هزيمته مبكراً؟

القاهرة والمدن المصرية تعيش أمسيات مع قنابل منتصف الليل. التعوّد البطيء على إيقاع الانفجار أضيف إلى دراما انتظار المجهول. لا أحد يتحمّل أو يتوقع انتصار «الإرهاب»، لكن لا ثقة كاملة في أن هذه الموجة ستمر سريعاً كسابقاتها في التاريخ المصري الحديث.

تبدو لعبة القنابل الليلية مناسبة للشخصية المصرية بنزوعها الساخر والخائف، لتفتيت الثقة في قدرات الأجهزة الأمنية الجبارة على إعادة الأمان، وتفاقمت اللعبة مع وصول وزير داخلية جديد أعلن منذ لحظة وصوله «انقلابه» على رجال سلفه المثير للجدل والمطارَد بجرائم لا تسقط بالتقادم… من وجهة نظر ترى أن «احتكار الدولة للعنف» أنتج في ظل هستيريا «الدفاع عن الدولة» ما يتجاوز «غاية» الأمن إلى «الانتقام من طلب الحرية وتغيير العلاقة مع الدولة».

التجربة المصرية تأكيد جديد على أن «آلة العنف» انفلتت في «إدارة القسوة» إلى ما لا يحتمله «كيان الدولة» نفسه… وما لن يؤدي إلا لمزيد من فوضى تنتعش فيها «داعش» أخلص منتجات الاستبداد.

ـــ 2 ـــ

الاستبداد وحيد في معركته ضد الإرهاب. لا منافس تقريباً إلا إمبراطورية أميركية زهدت في نزوعها الإمبراطوري أصلاً.

أوباما بتردده أفقد «الإمبراطورية الأميركية» ألقها في فرض الطغيان. كما أثار قلق أمراء تجارة السلاح وإمبراطوريات الثروة العائشة على «تداول العنف…»… حتى أن الكونغرس (جمهوري الأغلبية..) يرسل إلى إيران رسالة: «لا تتفقوا مع أوباما… فالمستقبل لنا»… يراهن الجمهوري الطامح بالصعود إلى جولة جديدة من جولات الحرب على احتكار العنف.

أوباما الساحر المهزوم، المتردد، سيغادر بعد قليل البيت الأبيض تاركاً «الفراغ» الذي لم يتغيّر فيه العالم بعد أن اعتلى رأس إمبراطورية القوى الوحيدة شخص من خارج «الكهنوت..». التردد تركة أوباما الأكثر تأثيراً في خلخلة مبدأ «احتكار العنف» الذي تأسست به الدول القومية بنظامها العالمي بعد الحرب العالمية الثانية.

باختصار: الفوضى التي نعيشها في المنطقة ابنة تحول «احتكار الدولة للعنف» من حل وعنوان للاستقرار والسيادة إلى إشكالية بعد التصاق الدولة بالاستبداد.. وامتصاص المجال الحيوي للمجتمع مقابل صعود طبقة ـ سلطة تبتلع كل شيء.

ـــ 3 ـــ

هل يهزم الاثنان؟

أي هل تنتهي الفوضى المؤرقة إلى استئناس «القسوة» بنهاية طرفي المنافسة على استعراضاتها؟

… المرعب أن الرواج الآن للطلب على العنف، واستعادة دعوات مثل «فرم الإخوان»، كان الرد عليها المنافسة على العنف لا الاعتدال كما كان طوال حقبة ما قبل ثورات التغيير وبعدها بقليل.

الإخوان الآن يريدون منافسة «داعش» ربما أكثر من منافستهم على السلطة، التلذذ الذي روّجته الاستعراضات الدموية، سيسرق جمهوراً كبيراً من «طالبي العنف المدمر» ضد الدولة.. وهذا مزعج بعد أن ذابت كل الزوائد المعتدلة، خاصة بعدما أصبح الاعتدال هو الحل بالنسبة للفروع الطرفية مثل «حماس» التي أرسلت، حسب ما كتبه الزميل حلمي موسى في «السفير»، بعرض هدنة طويلة مع إسرائيل مقابل فض الحصار، وقبلها واصل إخوان الأردن إفراطاً في ذوبانهم داخل نظام الملك.

الإخوان في مصر ينافسون على العنف، لا مع النظام فحسب بل مع «داعش»… وهذا يصب في صالح الاستبداد لا أكثر.