IMLebanon

تداعيات الخلافات الداخلية في حل أزمة النازحين؟!  

 

في ظل تطورات دولية واقليمية رمادية اللون، تظهر الخلافات السياسية بين العديد من الافرقاء السياسيين الى السطح، وهي موزعة بين السياسات الخارجية وبين السياسات الداخلية على عدد غير قليل من العناوين، على نحو ما تظهره جلسات مجلس الوزراء، كلما اقترب استحقاق اجراء الانتخابات النيابية من موعده المقرر في ايار المقبل..

 

في قناعة عديدين أنه يستحيل الفصل بين السياسات الخارجية (المحورية) والسياسات الداخلية، القائمة على التفاهم بين أفرقاء متعددين تباعد بينهم العديد من الملفات ذات الطابع لخارجي، بالدرجة الاولى، كما وتباعد بينهم التحالفات الداخلية – الخارجية، على خلفية الانتماء الى هذا المحور او ذاك.. ومن أبرز الملفات الخلافية مسألة النازحين السوريين في لبنان التي أخذت أبعاداً بالغة الخطورة..

 

أدرك رئيس الحكومة سعد الحريري خطورة ذلك، وهو إذ يشدد عند كل مناسبة على وجوب الالتزام بالبيان الوزاري والنأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات والمحاور الخارجية، خصوصاً الدائرة في المنطقة، حيث ان مصلحة لبنان هي في الابتعاد عن توتير الأجواء مع كل الاصدقاء والأشقاء والبحث عن حماية مصلحة لبنان.. مشدداً على «ان لبنان ليس جزءاً من أي محور.. بل هو جزء فاعل في التحالف الدولي لمحاربة الارهاب، وهو قام ويقوم بدوره ويتحمل مسؤولياته في حماية شعبه وحدوده وسيادته من خلال قواه الأمنية الذاتية..

 

في زيارته الأخيرة (منتصف أيلول الماضي) الى موسكو لفت الرئيس الحريري الى ان «هناك معاناة كبيرة من اللاجئين السوريين.. ونحن نعلم أنه يجري العمل على حل سياسي بالنسبة لسوريا ونأمل ان يشمل ذلك عودة اللاجئين السوريين في لبنان وفي كل المنطقة الى سوريا وأن يكون ذلك ضمن الحل السياسي أيضاً..

 

الواقع ان الخلافات السياسية الخارجية بين الافرقاء والسياسيين اللبنانيين تركت اثارها واضحة في طريقة معالجة أزمة النازحين، وإذ أبدى الجميع رغبة في المعالجة إلا ان الخلاف ظهر – وعلى نحو عطل أي حال أقله حتى الآن – في طريقة المعالجة التي تمثلت في اقتراحين او موقفين وتوزعت بين راعٍ الى التواصل مع الحكومة السورية من أجل إعادة هؤلاء النازحين الى سوريا وفي مقدمهم رئيس الجمهورية و«التيار الحر»، و«حزب الله» والرئيس نبيه بري وسائر الحلفاء وبين رافض مبدأ التواصل المباشر مع الحكومة السورية لتجنب الوقوع في فخ اعادة تطبيع العلاقات مع نظام الرئيس بشار الأسد، مستنداً الى ان أي عودة يجب ان تتم بالتنسيق مع الامم المتحدة ووفق معاييرها.. وقد قالها رئيس الحكومة سعد الحريري صراحة، في إحدى جلسات مجلس الوزراء في القصر الجمهوري اننا «منذ فترة نسمع دعوات الى التواصل مع النظام السوري للبحث في موضوع عودة النازحين.. ما يهمني في هذا المجال توضيحه هو ان هذه المسألة هي من المواضيع الخلافية، ذلك ان ثمة أفرقاء ينادون بحصول التواصل وآخرين يرفضون.. نحن نريد عودة النازحين السوريين الى بلادهم اليوم قبل الغد، لكن نعتبر ان ذلك من مسؤولية الامم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها والتي عليها ان تضع خطة آمنة لعودتهم..».

 

بادر رئيس الجمهورية ميشال عون الى دعوة رؤساء الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الامن والامين العام للأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية في رسائل خطية وجهها يوم ١٦ الجاري، الى التركيز على معالجة لب أزمة النازحين السوريين نفسها إضافة الى تداعياتها، معتبراً انه أصبح لزاماً على الامم المتحدة والمجتمع الدولي بذل كل الجهود الممكنة وتوفير الشروط الملائمة لعودة آمنة للنازحين السوريين الى المناطق المستقرة في بلدهم التي يمكن الوصول اليها، او تلك المنخفضة التوتر، من دون ان يتم ربط ذلك بالتوصل الى الحل السياسي.. وبعدما لفت الرئيس عون الى العبء الثقيل الذي يتحمله لبنان نتيجة تدفق النازحين والذي تعجز عن تحمله أي دولة أخرى، عرض للمخاطر الاقتصادية والسياسية والامنية والاجتماعية التي بسببها عدم ايجاد حل لمعاناة النازحين السوريين، محذراً من تداعيات أي انفجار قد يحصل في لبنان في حال تعذر حل الازمة في سوريا وعودة النازحين اليها، لأن نتائجه لن تقتصر على لبنان فقط بل قد تمتد الى دول كثيرة..

 

لا أجوبة بعد على رسائل رئيس الجمهورية، ولا اشارات دولية – اقليمية على ان قطار حل هذه المسألة وضع على السكة الصحيحة.. والكرة أعيدت الى مرمى الحكومة اللبنانية، حيث أكد رئيس الحكومة سعد الحريري «ان مقاربة موضوع النازحين (الذي بات على السنة عديدين من القيادات السياسية والروحية، بل والأمنية) ستكون موضع متابعة خلال اجتماع اللجنة الوزارية المعنية بشؤون النازحين برئاسة الحريري لدرس ورقة العمل المعدة، خصوصاً وأن العبء الذي تشكله أزمة النازحين ينسحب على كل الأوضاع في لبنان.. خصوصاً الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، حيث بين وزير الاقتصاد رائد خوري أرقاماً مقلقة ومخيفة، وقد كلفت الازمة السورية الاقتصاد اللبناني ١٨ بليون دولار من العام ٢٠١١ حتى العام ٢٠١٧ وفاقت اليد العاملة للنازحين ٣٨٤ ألفاً وأصبحت نسبة البطالة ٣٠ في المئة وزادت نسبة الفقر ٥٣ في المئة..» ناهيك بالمؤسسات غير الشرعية وغير المرخص لها في مختلف الاراضي اللبنانية وهي تعود لنازحين سوريين..». باتوا على كل شفة ولسان مرجعيات روحية من ان «هؤلاء باتوا عبئاً كبيراً على لبنان بل خطراً ديموغرافياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً وأمنياً..» على ما قال البطريرك بشارة الراعي الذي يقوم بزيارة «راعوية» الى الولايات المتحدة الاميركية..؟!