IMLebanon

عصب الثورة ونبضها  

 

مرّة أخرى نردد أن الثورات  يُعرف كيف تبتدئ ولا يُعرف كي تنتهي…

 

فعندما يمرّ الأسبوعان الأوّلان على أي ثورة فلا تنتهي، ومن دون أن نذكر أي سبب من أسباب استمرارها  الكثيرة، بل واشتعالها كل يوم بلهيب أقوى من اليوم الأوّل (…) عندما تمر الخمسة عشر يوماً الأولى يصبح متعذراً أن تبقى الثورة تدور في فلك انطلاقاتها الأولى.

 

وما ذهبت إليه الثورة في منطلقها يظهر أنه بات واحداً من المطالب التي تتضاعف يومياً تحت شعار كبير «محاربة الفساد».

 

وفي نظرة سريعة الى اليومين الأولين يتبيّـن أن المطالب كانت شبه محصورة بإسقاط الحكومة.  فاستقالت، تضاعفت المطالب لتطاول مجلس النواب ورئاسة الجمهورية: وهما مطلبان لا يزالان مطروحين كونهما غير قابلين للتنفيذ بسرعة. إذ إنّ دون تحقيقهما (إذا كان ممكناً) إجراءات دستورية معقّدة إلاّ إذا اجتمع المجلس النيابي وقرّر برئيسه وأعضائه التقدم بإستقالة إجماعية أو شبه إجماعية.

 

وإلاّ إذا اتخذ فخامة رئيس الجمهورية قراراً بالاستقالة. وهذان الأمران غير واردين  تحت أي ظرف أو شكل من الأشكال.

 

أمس وجدت الثورة ذاتها أمام منازل شخصيات سياسية بارزة، مع شعارات حادّة جداً. وهي ليست سوى قمة جبل الجليد التي برزت على صفحة الماء، بينما المخفي أعظم بكثير. إذ إنّ المخطط سيشمل شخصيات عديدة مرشحّة لأن تنتقل الثورة الى «محاصرتها» ليس فقط بالتظاهر والاعتصام أمامها وليس فقط برفع الهتافات التي تحمل أحكاماً «مبرمة» في حقها إنما أيضاً بالإصرار على عدم وقف الحراك قبل أن يقدّم الجميع الى القضاء… مع أنّ بعض الهتافات تحدث عن «إعدامات» وما شابه.

 

ويكتشف أهل السياسية أنّ محاولات احتواء الثورة لم ولن توصل الى نتيجة. فعندما يندفع تلامذة المدارس وطلاب الجامعة في حماسة غير مسبوقة الى الشارع فلا يصغون الى أهل وأولياء الأمور ومدراء مدارسهم، تكون الثورة  قد اجتذبت الشريحة الأكثر حيوية من الرأي العام، وتحديداً تكون قد حركت المستقبل. فهؤلاء التلامذة والطلاب هم رجال الغد وليست مصادفة أنهم أعطوا الحراك نكهة خاصّة وتحولوا بسرعة الى عصبه ونبضه الأقوى.

 

وفي طالع الأيام ستمضي الثورة في مسارها الذي سيحمل يومياً، وفي وتيرة متصاعدة، دفعاً جديداً من المفاجآت التي لن تكون سارة للوسط السياسي عموماً وللذين ما زالوا يقنعون أنفسهم باعتقادهم أنهم نجحوا في احتواء الثورة أو أقله بأنهم أبعدوها عن طريقهم. وهم بالتأكيد غافلون عن الحقيقة.

 

أمس، ناشدنا الثورة أن تعرف أن دورها ليس إصدار الأحكام، فالحراك شيء مهم والثوار حاضرون لأن يتحركوا، فهذا في صلب دورهم. أمّا الأحكام فلها من يتولاها في القضاء.