IMLebanon

ارتفاع وهبوط الدولار… أسبابه سياسية

 

 

الله يرحم شهيد لبنان الكبير الرئيس رفيق الحريري عندما تسلم رئاسة الحكومة عام 1993، فكانت أولى خطواته تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية، إذ لا يمكن لأي لبناني أن يعيش في «قلق» ارتفاع وهبوط سعر الدولار كل يوم… فقد يصبح المواطن متفرّغاً لملاحقة الهبوط والارتفاع في عمليتي البيع والشراء، بالمناسبة وللأسف الشديد، فإنّ هذه العملية تشمل جميع اللبنانيين، ولا تستثني أحداً، لا طبيباً ولا معلماً ولا مسؤولاً ولا موظفاً ولا ربّ عمل، ولا حتى عامل تنظيفات.. كما تشمل جميع التجار وجميع الصناعيين وجميع مسؤولي مرافق الدولة.

 

لذلك كما قلت، اتخذ الشهيد الكبير الرئيس رفيق الحريري قراراً بتثبيت سعر الصرف كذلك استدعى الاستاذ رياض سلامة وعيّـنه حاكماً لمصرف لبنان… وكان سلامة يعمل في شركة «ميريل لينش» ويتقاضى رواتب تصل الى مليوني دولار سنوياً، وبالفعل استجاب الاستاذ رياض سلامة لطلب الرئيس الحريري وعاد الى لبنان ليتسلم حاكمية مصرف لبنان، وكان ذلك عام 1993 ومنذ ذلك التاريخ الى تاريخ 2019 يوم قيامة الثورة الشعبية استقر سعر صرف الدولار على سعر وحيد هو 1502 ل.ل. بالرغم من جميع الحروب التي مر بها لبنان وللتذكير:

 

– 1994 حرب قانا.

 

– 2005 اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

 

– 2006 الحرب الإلهية.

 

– 2008 دخول أو احتلال بيروت من قِبَل «الحزب».

 

– تعطيل كل حكومة سنة واحدة على الأقل منذ اغتيال الشهيد الكبير.

 

– تعطيل رئاسة الجمهورية مرتين: مرة لمدة عام ونصف العام انتهت بانتخاب الرئيس ميشال سليمان، ومرة ثانية يوم انتخاب ميشال عون لمدة عامين ونصف العام… كل هذه المؤثرات، وسعر الصرف مستقر الى أن جاءت كما ذكرنا ثورة تشرين عام 2019، واستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري.

 

عند مجيء البروفسور حسان دياب، كنا نظن ان هذا الرجل الآتي من الجامعة الاميركية في بيروت هو المنقذ… وأنه سوف يصوّب بوصلة السياسة الرئاسية الفاشلة والمعطّلة في وقت واحد. ولكن للأسف فإنّ هذا الرئيس اتخذ أسوأ قرار في تاريخ الجمهورية اللبنانية، عندما تمنّع عن تسديد ديون الدولة، معتبراً ان هذه خسائر يتوجب على البنوك أن تدفعها. تصوّر ايها المواطن، ان جارك طلب منك أن يستدين مبلغاً من المال كي يدفعه ثمن دواء لزوجته، وأن تعطيه المبلغ الذي طلبه بمحبة وحين يتوجب سداد المبلغ الذي استلفه، فيقول لك: لا تؤاخذني خسرت هذا المبلغ وعليك أن تتحمّل أنت كلفة خسارتي.

 

بكل بساطة، القرار الذي اتخذه دياب كان قرار إعدام الاقتصاد والعملة اللبنانية. إذْ بعد تمنعه عن سداد اليورو بوند، من هي الجهة التي يمكن أن تستدين الدولة منها؟

 

من ناحية ثانية، وحتى لا نكون متحاملين على الرئيس دياب، نقول إنّ المشكلة الأكبر ان هناك رئيس جمهورية فاشل، يريد أن يسيّر أمور البلد كما يريد صهره العزيز. وللأسف فإنّ الصهر هو الذي خسّر الخزينة اللبنانية 65 مليار دولار، على الكهرباء، بإدارته الفاشلة، وبإدارة الوزراء الذين عيّنهم من بعده… وهنا نقصد الوزير سيزار أبي خليل الذي كان سكرتيره قبل التعيين، والسكرتيرة ندى البستاني التي كانت سكرتيرة سيزار أبي خليل، فعيّـنت بروفسوراً من الجامعة لا علاقة له بهذه الوزارة لا من قريب ولا من بعيد… أعني ريمون غجر وكان سكرتيراً لها.

 

طالما نحن نتحدث عن عهد ميشال عون كذلك نتذكر انه مارس الدور نفسه عام 1998، يوم عُيّـن رئيس حكومة عسكرية، فكان كل ما فعله على الصعيد الاقتصادي ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة بالاضافة الى حرب التحرير وحرب الإلغاء وحرب تكسير رأس الرئيس حافظ الأسد رحمه الله.

 

وكي لا نكون ظالمين ونحمّل فخامته كل شيء، لا بد من أن نحمّل شريكه في الحكم، «الحزب العظيم» الذي دمّر السياحة على مراحل، والتي هي العماد الرئيسي للاقتصاد اللبناني، إذ بفضله وفضل إرسال صواريخه ورجاله الى سوريا ثم الى العراق ثم الى اليمن، مع هذا العداء للمملكة العربية السعودية، وهذا الصراخ الذي يطلقه أسبوعياً جعل لبنان بلداً موبوءاً لا يأتي أهل السعودية ولا أهل الخليج إليه بسبب الحزب وأمينه العام… وهكذا تضرّر ملايين اللبنانيين بسبب حروبه التي خاضها مع الآخرين، وليقل لنا السيّد حسن: هل تحرير لبنان يكون بقتل الشعب السوري واليمني والعراقي؟

 

وهل تحرير القدس يكون باحتلال أربع عواصم عربية من قبل الفرس كما يكرّر ذلك قادة الفرس أنفسهم؟