IMLebanon

مُشاورات أيلول آخر”خرطوشة ” فرنسيّة… وإلا العقوبات 

 

 

بعد جولات من التعارف قام بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان على المسؤولين في لبنان، بات يعرف جيداً كيف يتحاور معهم، فتارة بالديبلوماسية وبالاسلوب الفرنسي الناعم واللبق، وتارة اخرى باللوم وبعض ” اللطشات” التي لا تعجبهم، لذا إختار خلال جولته الاخيرة كلمة تشاور بدل حوار، لانه فهم انّ الكلمة الاخيرة تشكل لهم ” نقزة ” سياسية، لانهم لم يتوصلوا في أي مرة، وعلى الرغم من كثرة الطاولات الحوارية التي عقدوها، سوى الى إزالة الاحتقان واحياناً اخرى الى تفاقمه، اي وفقاً للحالة التي كانت تجمع الاضداد، وفي معظم الاحيان كانت تقتصر على لقاءات ومصافحات وابتسامات ليس اكثر، لكن ضمنياً لم يكن احد من الحاضرين فرحاً او متحمسّاً لتلك الطاولة، التي كانت أشبه برسالة تحمل عنواناً سلبياً، لان طاولات الحوار في لبنان لزوم ما لا يلزم، او مرحلة محدّدة لتمرير الوقت ليس اكثر.

 

الموفد الفرنسي خرج هذه المرة متفائلاً بعض الشيء، فهو لعب على وتر الكلمات وإختارها بإمعان، لم يسمع من المتناحرين، على غرار المرّات السابقة اجوبة سلبية سريعة، اذ وضع النقاط على الحروف وقال:” لنبحث صفات الرئيس”، الامر الذي لاقى تجاوباً نوعاً ما بإستثناء القليل منهم، فالبعض حاول إظهار نفسه متعاوناً، على الرغم من انّ صفات الرئيس التي ستبحث في شهر ايلول، لن تكون جامعة بل مختلفة ما بين مفاهيم سياسية عدة، على حد قول مصادر سياسية متابعة، منها الرئيس السيادي والرئيس الوفي والحيادي والتوافقي والذي لا يطعن ظهر المقاومة، والى ما هنالك من صفات يصعب وجودها في مرشح واحد، إلا اذا حاول إظهار نفسه أنه ” جامع للمجد من اطرافه”، وهذا المرشح يصعب إيجاده وتصديقه ،اذ من غير الممكن ان يكون معارضاً وموالياً وممانعاً، كي يحظى بأغلبية اصوات النواب.

 

الى ذلك، وفي الخبايا والكواليس الرئاسية، لا تبدو المهمة سهلة ، تضيف المصادر، إلا اذا نفذ الموفد الفرنسي تهديداته الاوروبية بالعقوبات على معرقلي الرئاسة، التي لطالما ردّدها مسؤولون في بلاده، لكن على ارض الواقع لم يتحقق شيء منها، والمطلوب وفق فريق المعارضة إبقاء جلسات المجلس النيابي مفتوحة، الى حين انتخاب الرئيس، كما سيعمل الفريق المذكورعلى التواصل الدائم، وفق ما ألمحوا عصر الخميس، خلال اجتماع على تقنية “زوم” لتقييم طرح لودريان، على ان يعلنوا جوابهم المفصّل خلال ايام.

 

وعلى خط الثنائي الشيعي، فالتمسّك بدعم ترشيح رئيس “تيار المردة ” سليمان فرنجية ما زال قائماً، وهذا ما تبلغه الموفد الفرنسي خلال لقائه رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، الذي أكد عدم التنازل عن مرشحهم، فأتى الرد الفرنسي بضرورة تأمين الاصوات المسيحية المطلوبة لإنتخاب فرنجية ونيل الغطاء المسيحي الوازن، ما يجعل مهمة حزب الله شاقة مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، لإقناعه بالموافقة على فرنجية، لانه سبق انّ كرّر مراراً بأنه لن يسير به كمرشح.

 

اما رئيس مجلس النواب نبيه بري، فهو متفائل بشهر ايلول وفق مصادره، من ناحية موافقة اغلبية الاطراف السياسية على المشاركة في اللقاء التشاوري، وإنطلاقاً من هنا سيعمل بري وفق مصادره ، على إعادة التسويق لفرنجية، لذا عادت أنظاره تتجه من جديد نحو باسيل، على ان يفوّض المهمة الى حزب الله، اما هو فسوف يعمل على إقناع النائب السابق وليد جنبلاط برئيس ” المردة “، في ظل وساطة صعبة لانّ نجله النائب تيمور غير موافق على دعم الاخير، وسبق ان اعلن ذلك مراراً، الامر الذي سيقف حجر عثرة امام المهمة، وسوف يدفع ببرّي الى إطلاق خطوات جديدة ووعود وضمانات لنيل قبول الطرفين الاخيرين.

 

وعلى خط لودريان الذي سارع في السفر، هرباً من مشاكل وخلافات المسؤولين اللبنانيين، أطلق في إتجاههم تهديداً، مفاده انّ مشاورات ايلول هي ” الخرطوشة ” الرئاسية الاخيرة، امام معضلة الاستحقاق الرئاسي، وفي حال عمل البعض على إفشال الجلسة فسوف تفرض عليهم عقوبات، مع تذكير الجميع بأنّ إستمرار الفراغ سيؤدي الى مخاطر كبيرة على لبنان.