IMLebanon

اللحظة الحرجة مسيحياً

 

 

وحدَه الجاهل لا يُدرك خطورة الوضع المسيحي، في لبنان، الذي يتفاعل بغليان غير مسبوق، وليس له ما يشبهه حتى في الحرب وأيضاً في بداية المرحلة التي أعقبت إقرار اتفاق الطائف دستوراً للبلد، وما رافق ذلك من تشريد قياداتهم السياسية بين المنفى والسجن ومحاولات التدجين واستبدالهم بمحموعات لم يبقَ لها أي حضور أو مجرد ذكر على الصعدان كافة لا سيما على الصعيدين السياسي والشعبي.

 

وإذا كان لتلك المرحلة السوداء أي مفهوم (ولا نقول أي تبرير، إذ ليس من مبرّر) زمن الوصاية السورية وحكم عنجر، فإن خطورة ما يُدار، في المرحلة الراهنة على الساحة اللبنانية هو من «إنتاج» داخلي، وهذا ما يزيد من الشعور بالمرارة والقهر. وبالصدق كله والشفافية الصادقة لم نصدّق ما سمعته الأذن وقرأته العين من كلام دولة الرئيس نجيب ميقاتي في غبطة البطريرك بشارة الراعي. أوّلاً لأن هذا الذي يتكلم ليس نجيب ميقاتي الذي نعرفه، ولأن ما تجرّأ على قوله (وليؤذن لنا بهذا التعبير) لم يسبقه إليه مسؤول كبير في لبنان. ونود أن نسأل دولته بصدق واحترام: هل تظن أن المغفور لهم رياض الصلح وصائب سلام ورشيد كرامي وعبدالله اليافي ورفيق الحريري وسواهم (…) كانوا ليتفوّهوا بما أدليتَ به من كلام نعتبره موغلاً في الخطورة؟ دعنا من أولئك الراحلين الكرام وأترابهم، هل يمكن، ولو في أسوأ الظروف والمِحَن، أن نستمع الى تمّام سلام وسعد الحريري ينطقان بكلام مماثل؟

 

ثمّ إن التوقيت الذي تناول فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال غبطةَ البطريرك الماروني بذلك الكلام هو من أسوأ الظروف التي يمرّ فيها لبنان واللبنانيون عموماً والمسيحيون تحديداً وبالتالي فإن أضعف الإيمان أن يرتفع صوت بكركي محذّراً حيناً ومنبّهاً حيناً آخر ومتحمّلاً المسؤولية التاريخية والوطنية في كل حين، في وقتٍ يزداد الشرخ العمودي بين الأطياف اللبنانية، والبلد في «حرب مشاغلة وإسناد» قرّر رئيس حكومة تصريف الأعمال موقفاً استراتيجياً خطراً منها رافضاً وقف إطلاق النار فيها إلّا إذا كان مرتبطاً بوقف القتال في غزة.

 

وبمزيد من الصدق مع الذات والمسؤولية الضميرية، كنا نتمنّى من إخوتنا في الوطن، وبالذات من قيادات سياسية وغير زمنية في الطائفة السنية الكريمة أن يقولوا الكلمة التي لم يتردّدوا عن قولها في هكذا لحظات حاسمة، وقد دفعوا بسبب قولتها الأثمان الباهظة جدّاً، فسقط منهم الشهداء الكبار أمثال رياض الصلح ورشيد كرامي ورفيق الحريري  والمفتي الشيخ حسن خالد والشيخ صبحي الصالح…