IMLebanon

الدولة أمام مخاطر الفراغ.. والاهتزازات الأمنية  

بقدر ما تشدد «دول صديقة» للبنان على أهمية اجراء الانتخابات النيابية وتحذر من أخطار الوقوع في «الفراغ القاتل» ليكون كل شيء على ما يرام وفقاً للدستور اللبناني وتلبية للمطالب الشعبية بقدر ما تشدد في المقابل، على وجوب التنبه من مخاطر الوقوع في مصيدة الاهتزازات الأمنية والاجتماعية – المعيشية التي قد يعرف كيف تبدأ، لكن لا أحد يعرف كيف تسير وكيف تنتهي ومتى.»؟!

على مدى الأسابيع الماضية تراكمت معلومات أمنية بالغة الدقة والخطورة من مصادر خارجية وأخرى داخلية تقاطعت مع جملة ترتيبات إسرائيلية على الحدود الجنوبية مع لبنان، ومع انتعاش حركة «التسلل غير الشرعي» لـ»مجموعات ارهابية» عبر العديد من المعابر على الحدود الشرقية والشمالية بين لبنان وسوريا وتحديداً عرسال والقاع.. او عبر «الخلايا النائمة» في الداخل اللبناني والموزعة في غير منطقة.. وقد حققت الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية، بالتعاون والتنسيق المباشر وغير المباشر، مع العديد من أجهزة الاستخبارات الخارجية نجاحات لافتة على هذا الخط، حيث لا يمضي يوم واحد من دون انجازات ايجابية لافتة، وقد بيّنت التحقيقات مع موقوفين لبنانيين وغير لبنانيين مدى تغلغل» هذه «الجماعات» في الداخل اللبناني، وقدرتها على تشكيل خلايا متعددة المهام، مرتبطة بـ»تنظيم داعش الارهابي».. وهي (أي هذه المجموعات) كانت قاتلت في سوريا الى جانب «داعش» واخوانه، وتابعت «دورات تثقيفية وعسكرية» وعملت مع «التنظيم» في مجالات عدة..

يقر الموقوفون أنهم «يعملون الآن «بشكل أمني» للغاية.. لابعاد الشبهات عنهم، وهم على تواصل دائم، ويومي مع أبرز قيادات «التنظيم» الموجودين في سوريا، كما وخارج سوريا.. وهم يصوبون باتجاهات عديدة، ولا يحصرون اهتماماتهم بمنطقة معينة، وان كانت القوى العسكرية والأمنية في طليعة استهدافاتهم..

لم يكن التهديد الاميركي بفرض عقوبات على أحزاب وقوى وشخصيات سياسية وغير سياسية لبنانية بعيداً عن هذه التطورات، لاسيما وأن غير حزب سياسي يشارك على الارض في الاحداث السورية ومركز قياداتها في لبنان.. وتأسيساً على هذا، فإن غير مسؤول في الادارات اللبنانية، السياسية والأمنية والعسكرية، بل والاقتصادية والمالية، بات على قناعة بوجوب تحصين لبنان في مواجهة الأخطار التي تهدده «بعيداً عن السياسة..» على ما يقول وزير الداخلية نهاد المشنوق، وتفعيل جلسات مجلس الوزراء لبحث كل القضايا التي تهم اللبنانيين بمعزل عن النزاعات السياسية المتعلقة بقانون الانتخاب.. هذا عدا ان دعوات أميركية عديدة وجهت الى مسؤولين سياسيين وعسكريين وأمنيين لبنانيين لزيارة واشنطن وبحث سبل «التعاون والدعم والتنسيق» مع المسؤولين الاميركيين..

لا ينكر عديدون دقة المرحلة، بل وخطورتها، التي يمر بها لبنان في ظل ما يجري في المحيط الاقليمي من تطورات وانقسامات ومحاور لا قاسم مشتركاً بينها.. الأمر الذي دفع عديدين الى مطالبة الحكومة بالانعقاد وعلى جدول الأعمال بند أساس يتمثل بكيفية تحصين لبنان، من تداعيات «العقوبات الاقتصادية والمالية» وغيرها، من دون تجاهل، او إدارة الظهر للملفات الاجتماعية الضاغطة، والتي تستوجب «اعادة تشغيل محركات مجلس الوزراء.. خصوصاً وأن ما يحصل في الشارع يهدد بتداعيات خطيرة للغاية ان لم يصر الى معالجة المشكلات هذه.. خصوصاً أكثر ان السيناريوات الانتخابية لم ترقَ بعد الى المستوى المطلوب وهي تدور في حلقة مفرغة، رغم اعلان عديدين أنهم مستعجلون للتوصل الى قانون جديد..

لقد كانت زيارة الرئيس سعد الحريري الى الناقورة، ولقاؤه قيادة «اليونيفيل» «رسالة بالغة الدلالة وفي العديد من الاتجاهات الداخلية والخارجية..» وتأكيداً على أن «الدولة هي المرجعية السياسية والأمنية الوحيدة على الأراضي اللبنانية، والجنوب في قلبها» على ما تقول «المستقبل».. وهي (أي الدولة) ملتزمة بالقرار 1701، ومتمسكة بقرارات الشرعية الدولية..»؟! لكن ذلك لم يحل دون تعليقات العديد من الأوساط الديبلوماسية العربية وغير العربية، وهي تسأل عن مسار الاستحقاقات الضاغطة، ولبنان بات في أزمة متعددة الأوجه والعناوين، ولم تعد محصورة بالسلاح «غير الشرعي» لـ»حزب الله» الذي يتربع على عرش القوى المستهدفة بالعقوبات وبالحروب غير المباشرة.. وهو «الشريك في الحكومة اللبنانية، الأمر الذي قد يرتب نتائج سلبية، بل وخطيرة على لبنان، «وهو بغنى عنها..».

وسط هذه التطورات، الخارجية بخلفيات عديدة، والداخلية المتعددة العناوين، تبقى «الانقسامات العمودية» السياسية – وحسابات الافرقاء السياسيين – التي تكبر وتزداد يوماً بعد يوم، حجر عثرة في وجه انجاز الاستحقاقات المطلوبة، وفي مقدمها الانتخابات النيابية.. والرئيس عون، كما آخرين، يشدد على «ان التمديد لمجلس النواب يجب أن لا يحصل.. لأن فيه خراباً للبنان..» و»اغتصاباً للسلطة» على ما يقول البطريرك بشارة الراعي، من دون أية ضمانات بأن الفراغ لن يحصل، وبأن «التمديد لن يكون ولو لدقيقة واحدة..».

المخاوف من الاهتزازات الأمنية وعبورها الى الداخل اللبناني تزداد يوماً بعد يوم، وذلك على الرغم من ان القيادات العسكرية والأمنية تؤكد «ان الأمن ممسوك وان الساحة اللبنانية محصنة بقرارات داخلية، ومعززة بغطاء سياسي يجعل القوى العسكرية والأمنية على جهوزية تامة لمواجهة وحسم أية اشكالات، كما وتلافي أي صدام بين الافرقاء اللبنانيين أنفسهم.. وذلك على رغم ما قد يلحق بلبنان من أضرار وتداعيات جراء العقوبات الاميركية، وجراء استمرار البعض في توفير بيئة حاضنة – بشكل او بآخر – للمجموعات «الارهابية»، وهو «ضرر يصيب لبنان وشعبه في الصميم» ولا يأتلف مع العلاقات التي يتطلع اليها لبنان مع واشنطن، التي من المتوقع ان يقوم قائد الجيش العماد جوزف عون بزيارتها، في وقت لم يحدد نهائيا بعد، تلبية لدعوة رسمية من هناك، من دون أن يعني ذلك السكوت عن «تفريغ المؤسسات وتعطيلها واقفال باب الحوار والتوافق على أجواء الانتخابات اليوم قبل الغدّ..»؟!