IMLebanon

أموال مرفأ بيروت المسلوبة تساوي ضعف ما توفره الدولة من اقتطاع 5% من رواتب موظفيها

 

يبلغ عدد موظفي القطاع العام في لبنان حوالى300 ألف، ما يعني أن اقتطاع 4 او 5 بالمئة من رواتبهم، وهو الاقتراح الذي يحاول البعض تمريره اليوم، يعني أن متوسط ما سيُقتطع من الرواتب يبلغ حوالى 100 ألف ليرة، ما يعني أيضا أن الوفر سيكون خلال الشهر الواحد 30 مليار ليرة، أي 20 مليون دولار أميركي، وبالتالي خلال السنة ستحصل الخزينة اللبنانية على 240 مليون دولار من اقتطاع الرواتب، وذلك في الوقت الذي يُهدر فيه في مرفأ بيروت لوحده سنويا مبلغ يصل الى 450 مليون دولار بحسب مصادر سياسية مطلعة.

 

تبلغ قيمة الهدر في مرفأ بيروت ضعف ما قد تحصّله الدولة من حرمان الموظفين من مئة ألف ليرة شهريا، علما أن هذه «الفئة» التي يظنها البعض مبلغا بسيطا، ليست كذلك عند أكثر من 50 بالمئة من الموظفين. إن هذا الهدر في المرفأ ينتج بحسب مصادر سياسية مطلعة عن صفقات تجارية غير مصرح عنها، ونتيجة أساسية لغياب «المؤسسة العامة» التي تدير المرفأ وتمنح أجهزة الرقابة ووزارة المال حق المراقبة، خصوصا وانها اليوم لا يحق لها سوى الحصول على نسبتها من دخل المرفأ والتي تقدّر بـ 25 بالمئة.

 

تكشف المصادر أن «حكايات» الفساد في المرفأ تفوق خيال ما قد يتخيله بعض اللبنانيين، اذ أن 70 بالمئة من الحاويات التي تدخل لبنان يوميا لا تخضع لتفتيش «السكانر» والسبب عدم وجود المعدات اللازمة والكافية لذلك، كما أن الحاويات التي تخضع لفحص «السكانر» يتم التلاعب بها من قبل «المخلصين الجمركيين» الذين يحققون في المرفأ «أحلام» التجار مقابل العملة الخضراء.

 

في المرفأ طريقة معروفة لتحديد مصير الحاويات تُدعى «أخضر، أحمر»، وعبرها يتم تحديد مصير البضائع. وفي التفاصيل كما تشرحها المصادر أن «الجمارك تمنح الحاويات بيانا، يكون بلونين، إما أخضر ويعني أن البضائع مطابقة لبيانها أي انها مطابقة لما يُصرّح عنها، ما يعني انها صالحة للخروج من المرفأ بلا تدقيق، وإما أحمر ويعني أن البضائع بحاجة للتدقيق والتفتيش، كاشفة أن هذه الخطوة تشهد اولى عمليات الفساد، وفيها يقوم المخلص الجمركي بـ«تلوين» البيان كما يريد، وذلك يحصل بعد أن يطلب التاجر أو صاحب البضاعة «الدفع المقطوع»، ما يعني أنه يعرض مبلغا من المال يصل عادة الى حوالى 15 الف دولار أميركي، فتخرج بضائعه من المرفأ، اي أن المبلغ المقطوع يغطي كل تكاليف خروج البضاعة، من الرسوم الى الرشاوى، بغض النظر عن طبيعتها وحجمها.

 

يستطيع المخلّص الجمركي بالتواطؤ مع عناصر بالجمارك، أن يكتب ببيان البضاعة ما يريد، ولعلّ ما كشفته مديرية الجمارك في بداية العأيمنعبام الحالي من قيام أحد المخلصين الجمركيين بتقديم بيانين جمركيين، الأول حقيقي والثاني مزور يتم عبره دفع الرسوم أبلغ دليل على ما يجري في المرفأ، مشيرة الى أن وقف هذا الهدر يُدخل الى الخزينة ما يقارب الـ 500 مليون دولار سنويا.

 

من حالة مرفأ بيروت المأساوية انطلق تكتل «لبنان القوي» لاقتراح قانونين بهدف إنشاء مؤسسة عامة لإستثمار مرفأ بيروت، وفي هذا السياق تكشف مصادر نيابية في التكتل أن الاقتراحين سيصبحان اقتراحا واحدا، سيُحال خلال شهر على لجنة الأشغال العامة والنقل من اجل دراسته. وتكشف المصادر أن الاقتراح يريد الانتهاء من حالة «الإدارات المؤقتة» لمرفأ بيروت، مشيرة الى أن اللجان المؤقتة التي أدارت المرفأ منذ العام 1990 حتى اليوم، والتي لا تخضع لأي رقابة، فشلت وتواطأت وأفسدت المرفأ، وبات لزاما على المعنيين بمصلحة لبنان تصحيح الوضع، مشيرة الى أن اقتراح القانون يرمي لانشاء مؤسسة عامة ذات طابع صناعي وتجاري وخدماتي، تدعى «المؤسسة العامة لاستثمار مرفأ بيروت»، وتهدف لإدارة واستثمار وتطوير مرفأ بيروت، وترتبط بوزارة الأشغال العامة والنقل التي تمارس عليها سلطة الوصاية الإداريّة، وتخضع لرقابة ديوان المحاسبة المؤخّرة، ولرقابة التفتيش المركزي، ولرقابة مجلس الخدمة المدنية ولرقابة وزارة المالية.

 

كذلك في اقتراح القانون، يتولى السلطة التقريرية في المؤسسة مجلس إدارة يتألف من رئيس وستة أعضاء من أهل الخبرة في التجارة والاقتصاد، يعينون لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على إقتراح الوزير.

 

ترى المصادر النيابية أن هذا الحل ضروريا لبدء «تنظيف» المرفأ من فساده، مشيرة الى أن القيمين على المال العام والدولة اللبنانية يعلمون بأن هناك اماكن كثيرة تجلب الاموال للخزينة ولكنها تحتاج الى عمل ومتابعة وتدقيق وجهد، اما أخذ الاموال من جيوب الفقراء فهذا أسهل الحلول.