IMLebanon

نجاح اي تسوية مرهون بعدم «الدق» بثوابت حزب الله

 

قد يكتشف المراهنون هل حل سحري توفره عودة الرئيس «المُقال» سعد الحريري، في المقبل من الايام، ان التقاط الاشارات الايجابية في مقابلته المتلفزة، لم يكن يكفي لبناء التقديرات السليمة من اجل تجاوز مرحلة التوتر، بفعل التهديدات والانذارات السعودية التي اغرقت لبنان واللبنانيين في موجة من الترهيب دون الترغيب، مورست عليهم كعقاب «تأديبي» على سياسات لبنان «غير المرغوب بها» سعوديا.

مع اعلان استقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض، التي «كسرت الجرة» مع «ذراع ايران» في لبنان! وبعد المقابلة التي اوحت بتراجع وبخفض للسقف السياسي وما وُصِف بـ «الليونة»،  بقي الجميع، بما فيهم «تيار المستقبل»  يدعو لعودة الحريري، ما يعني ان دولة الرئيس ما زال خارج السيطرة  لبنانيا، ان ازمة الاستقالة ـ الاقالة لم تنته بعد، والحريري لن يعود «بهاليومين التلاتة الجايين» كما ردد عبر الشاشة، وحالة الانكار التي يمارسها حلفاء الحريري في لبنان عن وجود ضغوطات سعودية عليه لن تدوم.

ثمة من يقرأ في الدعوات«الحثيثة» لعودة سريعة للحريري، على انها تشبه الدعوة لعودة سريعة للاشتباك السياسي الذي كان سائدا، قبل آخر تسوية افضت نتائجها الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة حريرية، طالما ان السقف السعودي في بيان الاستقالة ـ الاقالة، ما زال مرتفعا، وفق ما جاء في المقابلة التلفزيونية، فحين رفع امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله شعار «حيث يجب ان نكون سنكون».. وكانوا، لم يأخذ بالاعتبار حسابات هذه الدولة او انزعاج ذاك الطرف، طالما ان المنطقة كلها تحولت الى ساحة صراع واحدة، اطاحت بكل «نظريات» الحياد والنأي بالنفس، ووفق وقائع اليوميات اللبنانية للحرب في سوريا، فان اطرافا سياسية وجماعات دينية سبقت «حزب الله» بعامين، في المشاركة في الاعمال العسكرية في سوريا، ولاقت هذه الجماعات تأييدا وعطفا ومباركة من رموز حكومية وحزبية وسياسية ودينية في الساحة السنية و«دغدغة» من «تيار المستقبل» وبعض القوى في ما كان يعرف باسم الرابع عشر من آذار، وصولا الى سياسات رئيس الحكومة ووزراء الحريري وحلفائه  تجاه قضية النازحين السوريين  الذين تلقوا «جرعات امل» بالبقاء في لبنان!، بالرغم من تكاثر الدعوات المطالبة بعودتهم الى المناطق الآمنة في سوريا.

 

التسوية ـ الصفقة الجديدة… وثوابت «حزب الله»

 

الثمن المطلوب للسعودية، وفق متابعين لمسار المستجدات الاخيرة، كبير ولبنان الرسمي غير قادر على دفعه، فيما هو خارج اي بحث في حسابات «حزب الله»، سيما وان ما هدَّد به الحريري من «قطع ايد الأذرع الايرانية في لبنان» في بيان الاستقالة، الى «نأي مفخخ» يريده السعوديون في زمن انتصارات ايران في سوريا والعراق وصمودها في اليمن وترتيب اوراقها في الداخل الفلسطيني، من بوابة تعزيز العلاقة مع حركة «حماس»، وقبلها الانتصارات التي حققها «حزب الله» في معركته ضد الارهاب في جرود السلسلة الشرقية، التي لم يستطع اخصام الحزب طمسها،  لصالح الوجه الآخر للمعركة التي خاضها الجيش اللبناني، فيما العالم كان يتابع باهتمام.. انجازات «حزب الله» العسكرية في الجرود.. وفي الداخل السوري.

ويربط المتابعون  بين العودة الى نغمة المطالبة بسلاح المقاومة و«النأي بالنفس وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة»، وبين الازمة الحكومية المحشورة بين قاعة معتمة في الرياض، و«الانفراج» المصطنع للازمة  من خلال تظهير صورة ان الحريري حقق «صدمة وطنية»، تمهيدا للدخول في صفقة جديدة، يسعى فيها المهزوم الى تحسين شروطه، فيما المنتصر غير آبه بكل هذا التأزم المفتعل الذي جاء ليعبر عن عمق التداعيات التي احدثتها انجازاته مع حلفائه في سوريا والعراق و..، فيما ينظر  البعض الى المشهد على ان السعودية التي ارادت من استقالة الحريري ان تدفع بالساحة الداخلية الى التأزم، وصولا الى الفراغ الحكومي والفلتان الامني، شعرت بوصول مسعاها الى حائط مسدود، بفعل التحرك الرسمي اللبناني الذي انطلق من القصر الجمهوري، وامتدت الى عواصم الدول المؤثرة في صناعة القرار، بالتزامن مع ضغوطات اوروبية ودولية تتلقاها السعودية من اجل فك الحصار التجويعي عن الشعب اليمني، فضلا عن انها باتت متهمة لبنانيا واوروبيا ودوليا، بحجز حرية رئيس حكومة لبنان ومنعه من العودة الى وطنه، فالانزعاج السعودي من طريقة تعاطي لبنان الرسمي مع قضية الاستقالة ومصير الحريري، اشعرها بضيق حجم المناورة التي تسبق اي تسوية او صفقة، تعيد الامور الى نصابها، فاستفاقت على نتائج معاكسة للنتائج التي راهنت عليها في اقالة الحريري، فالدور الايراني في المنطقة لم يتأثر و«حزب الله» لم «يُسارع» بعد الى جمع اسلحته لتسليمها!، ولم «يبدأ» بعد بتجميع الالاف من مقاتليه المنتشرين في سوريا والعراق و..!، تمهيدا لعودتهم الى لبنان، فـ «حزب الله» اليوم .. لن يكون من يقدم التنازلات المجانية لكبح الجنون السعودي الذي بلغ درجة حجز او اختطاف رئيس الحكومة، وهو وصفه رئيس الجمهورية بـ «العمل العدائي» للسعودية ضد لبنان، و«تيار المستقبل» الذي تصدعت ثقته بمرجعيته الاقليمية، لن يكون في وضع يخوله فرض معادلات جديدة في الداخل اللبناني، فالسعودية التي ايقظت «مَدْبَرة» العالم عليها، لتحول قضيتها ضد لبنان عن التدخل الايراني في الشؤون اللبنانية بواسطة ذراعها «حزب الله»، الى مطالبة لبنانية واوروبية ودولية للعودة السريعة للحريري الى بيروت.

 

الحريري الحلقة الاضعف.. ان عاد

 

كل المؤشرات توحي بان الحريري، فيما لو عاد الى بيروت، سيكون الحلقة الاضعف على المستوى الوطني، والحلقة المستهدفة من اخصامه داخل الساحة السنية الذين اطلقوا النار السياسية عليه مؤخرا، في اطار رفع وتيرة المنافسة لخلق زعامة للطائفة السنية، ممن نال بركة اميرية لخوض الانتخابات والاستفادة من جمهور «المستقبل» الذي هزّته ازمة الاستقالة من الرياض، تأسيسا لحالة اكثر تصادما مع «حزب الله» واشد تطرفا في تحريك الشارع، فالجميع بات مقتنعا بحقيقة لا تسر السعودييين،  تقوم على ان اية تسوية ـ صفقة تكفل العودة الى الانفراج السياسي في الداخل اللبناني، وكف التهديدات السعودية عن لبنان، ستكون محكومة بما لا يمس باي من ثوابت «حزب الله»، في ما يخص سلاح المقاومة ودوره في ساحات عربية، ومنها ساحة اليمن، فكيف اذا كان ما هو مطلوب يطال وجوده بالاساس.