IMLebanon

نُذُر الشرور

 

هذا النَفَس الطائفي / المذهبي الذي يتنامى، يوماً عن يوم، يدعو الى كثير من الريبة والحذر. فليس جديداً أن يلجأ المستفيدون من هكذا مناخ ولكن الجديد أنّ النافخين في الأبواق الطائفية والمذهبية لم يعودوا يستحون، إنما «على عينك يا تاجر».

 

نحن نعرف أن الممارسة الخاطئة (وعمداً…) لإتفاق الطائف قد أجّجت المشاعر الطائفية، إلاّ أنّ ثمة أسباباً موجبة لهذا السعير البشع قد يكون أبرزها غياب الخطاب الوطني الصحيح من جهة و«إكتشاف» قيادات وزعامات ومتطفلين أيضاً أنّ هذه «التجارة» باتت ربّيحة أكثر من أي وقت مضى.

 

ونود أن نقول إنّ الإستمرار في هذا الإستثمار الوطني البغيض هو سريع المردود. إلاّ أنه  إستثمار خطر جداً… فالمردود مهما كان «حرزاناً» على الصعيد الشخصي إلاّ أنّّه يحمل في طيّاته ضرراً كبيراً على الصعيد الوطني العام. ولكن، من أسف، أنّ الجميع منخرط في هذه «التجارة» بشكل أو بآخر، وبنسب مختلفة.

 

وإذا درسنا خريطة المواقف والتطورات منذ التكليف حتى اليوم لتبيّن لنا أنّ الخطاب الطائفي (بل المذهبي) هو الذي هيمن على مسار التأليف ولا يزال… وبمشاركة الأطراف كلها تقريباً.

 

أضف أنه ليس من السهل تجاهل التفاف الهيئات والمقامات والمراجع الدينية حول كل من القيادات المعنية بالحكومة العتيدة، إن لجهة مساعي التأليف وحلحلة العقد، أو لجهة نصب الفخاخ والعراقيل أمام الرئيس المكلّف.

 

وليس مجرّد مصادفة أن نرى المفتين والعلماء المسلمين من أهل السنّة ورؤساء الوزارة السابقين يلتفون حول الرئيس سعد الحريري في ما يتخذ من مواقف أو يواجه من العراقيل قديمها والمستجد.

 

وفي المقابل ليس من باب المصادفة، كذلك، أن نشاهد ونستمع الى البطريركية المارونية واجتماع المطارنة الموارنة يعلنون (في مختلف المناسبات التي شهدتها الأشهر السبعة الأخيرة) عن دعمهم مواقف الرئيس العماد ميشال عون.

 

وفي السياق ذاته لم تكن مصادفة أن نستمع الى سماحة السيّد حسن نصراللّه في مؤتمره الأخير يتعمّد تكرار الإشارة الى التوافق مع «دولة الأخ الأستاذ» نبيه بري رئيس مجلس النواب… وفي الوقت ذاته يشهر أصبعه محذراً «المفتين والبطاركة…»!

 

أما الهيئات والمقامات الشيعية فإلتفافها واضح حول الثنائي الشيعي.

 

طبعاً مع مفارقة لافتة تتمثل في أنّ الرئيس سعد الحريري يحظى (في موقفه من توزير النواب الستّة السنيين) بتأييد شبه إجماعي معلن. أمّا الرئيس العماد ميشال عون فلم نرَ أو نسمع أنّ الأحزاب المسيحية دعمت موقفه. فلا حزب «القوات اللبنانية» شريك التسوية الرئاسية وأحد طَرَفي مصالحة معراب، أصدر بياناً يؤيد فيه مواقف الرئيس ميشال عون (في القضايا شاغلة الساحة السياسية هذه الأيام) وما سمعنا أو رأينا شيئاً من ذلك في مواقف أحزاب الكتائب، والوطنيين الأحرار والمردة. ونحن نذكر هذه المفارقة من باب الإشارة الى أن الفريق المسيحي هو أقل الأطراف تجييشاً طائفياً.

 

وأخيراً ثمة أمنية هي أن يتولى العقلاء ضبط الإيقاع الطائفي / المذهبي لأنّ ما يقال ويكتب وينشر على مواقع التواصل الإجتماعي يحمل بذور شرور رهيبة.