IMLebanon

لغة «الصّفر»!

تصعيد التسخين والتبريد سيودي بالجميع، نعيش في بلدٍ «ما حدا فيه طايق حدا»، من الصعب ضبط تصعيد الخطاب السياسي مع أنّه مطلوب وهذه الصعوبة متأتّية من حالة الفراغ السياسي، من المؤسف أنّ الجميع ينتظر إشارة من الخارج، وفي الانتظار الساحة خالية لعبقريات وعنتريّات وزير الخارجيّة جبران باسيل وما تجود به قريحته من إرتجالات تصيب البلد بخضّات هو بغنى عنها!

 

بصراحة «شي بيجنّن»، هذا الدوران في حلقة مفرغة «تعذيب» للشعب اللبناني، وحالات «العَتَهِ» التي تطلّ علينا يوميّاً «من كل الميلات» من الشاشات والنشرات الإخبارية  والتغريدات كرّهت المواطن اللبناني حياته، بلد يشبه «رجع الصدى»، في يوم واحد انطلقت موجة تهديد بتطيير الحكومة، «ولك طيّروها»، أساساً وقبل تشكيل هذه الحكومة حذرنا من كونها تحمل صواعق التفجير الذاتي، من المعيب بقاء هذه الحكومة حرصاً على مقام رئاسة الحكومة، البعض يظن أنّ باستطاعته التصرّف مع رئيس الحكومة على طريقة «باش كاتب» ما قبل الطائف مهدداً إياه بلغة الصّفر!

 

بلد «مجنون» فلا نكاد ننتهي من جنون حتى ينزل بنا جنون آخر، من المؤسف أنّ البعض يغزل هذه الأيام راغباً في وضع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي إمعاناً فقط في مزايداته في ملفّ النازحين، إلى حدّ لم يعد اللبنانيّون قادرون حتى على مواكبة حفلة الجنون هذه وتراشقها، ثمّة حالة «نُباحيّة» مجنونة أتعبت اللبنانيين،وثمّة «عنترة» ربّما يتخيّل أصحابها أنّها  «زئير الأسد» في غابة، مع أنّها ينطبق عليها قول الشّاعر:»أما تَرَى الأُسْدَ تُخْشى وهْي صَامِتةٌ؟ والكلبُ يخسى لعمري وهو نبّاحُ»، والمؤسف أنّ هذه الحالة «النُباحيّة» بلغت أدنى الدرجات في التعجرف والانتفاخ!

 

مزايدات و»فشخرات» وحكي فاشوش، وسياسة فاشوش،وأداء سياسي فاشوش، ويُطلق الناس كلمة الفاشوش على كل أمر فاشل كما يطلق على شخص لم ينجح، أمّا معنى كلمة فاشوش، فيرى كتّاب مصريون أن فاشوش كلمة قبطية قديمة ولا تزال تستخدم إلى يومنا هذا في العامية المصرية،ومعناها الحرفي «عريان»،وانتهت فاشوش في الاستعمال الدّارج إلى معنى يختلف عن معناها الحرفي، ويقول بعضهم إن كلمة فاشوش عربية قديمة فصيحها «فشوش» أي كلام فارغ لا طائل تحته، وقال الزبيدي في تاج العروس:»الفيشوشة»الضعف، والرخاوة ومنه رجل فاشوش،‏ وما أكثر هؤلاء في لبنان!

 

هذا بلد «النفاثات في العقد»، وتعقد فوق كلّ عقدة عقدة، واقع مزرٍ وحاضر ومستقبل مزرٍ أكثر، بلد غير قابل للحياة ولا للموت أيضاً، أثبتت الأسابيع الماضية وبما لا يقبل الشكّ أنّنا بلد «فاشوش» و»مفوفش»،وأننا دولة فاشلة بكلّ المقاييس، وأنّ الاتفاقات والتسويات فيها ليست أكثر من خداع يمارسه فريق على فريق آخر حتى يحصل على غاياته ثم ينقلب على كلّ ما اتفق عليه وأقرّ به!

 

مستوى سياسي «صفر»، أخلاق سياسيّة «صفر»، ممارسة سياسيّة «صفر»، لم يحدث أن بلغت الحياة السياسيّة في لبنان من قبل مستوى «تحت الصفر»، من المؤسف أنّ جدّية وضع لبنان ودقتّه وخطورته، واللحظات المفصليّة التي يعيشها اقتصاده والقلق الذي ينتاب اللبنانيّين لا يساوي عند بعض اللاهثين خلف المزايدات والشعبوية وخداع الجمهور حتى قيمة «الصّفر»!