إن »الأفكار« (البعض لا يحب كلمة »مبادرة«) التي يقودها الرئيس سعد الحريري صلبة وجديّة ومدروسة، وليست وليدة »ساعة تخل« بالنسبة للمأزومين بها، أو »ساعة حلول« للمرحّبين بها.
وإنّ هذه المبادرة لم تبصر النور مع عودة الرئيس الحريري الى لبنان إلاّ بعدما أشبعت درساً وتمحيصاً وتوافقاً على التفاصيل وتفاصيل التفاصيل التي يؤمل ألاّ يكون الشيطان فيها… وإن كان شياطين هذا الزمن أكثر من أن يحصوا… إذ فيهم الرافض لأنه لا يريد حلاً، والرافض لتقوية مركزه… والرافض لأنه يشعر نفسه بأنه متضرر أو يدّعي أنه متضرر… والذي ينتظر الرئيس الحريري على الكوع… والذي ينمو (كالطحالب) على الخلافات والفراغ وعدم الحلول (…).
وإنّ حزب اللّه مطلع على »القصة« بكاملها من الألف الى الياء، ومن طقطق الى السلام عليكم.
وإن القصة وما فيها قد وضع السيناريو الخاص بها في محادثات مضنية، استمرت نحو ثلاثة أشهر قبل بروز معالمها بعودة الرئيس الحريري، وهو سيناريو متقن يرد على الأسئلة ويبدّد الهواجس، ويحترم (بل ويراعي الجميع تقريباً)، بشكل أو بآخر.
ويقولون كذلك: إنّ الرئيس نبيه بري لا يستسيغ أن يرى الجنرال ميشال عون في قصر بعبدا… كما ليس مشردقاً في أن يرى الوزير سليمان فرنجية هناك. وإنه حتى هذه اللحظة لم يصدر عنه كلام مباشر قال فيه انه يؤيد فرنجية، علماً أنه نسبت إليه أقوال عديدة قال فيها انه لا يؤيد العماد عون. وإن لدى رئيس المجلس مرشحاً معروفاً وهو الوزير جان عبيد الذي يلاقي تأييداً وتقديراً واحتراماً من كثيرين لمزاياه العديدة… مع العلم أنّ مرجعاً كبيراً سابقاً قال لنا ان الوزير عبيد ليس مرشح الرئيس بري وحده بل هو أيضاً مرشح العماد عون عندما لا تكون للزعيم العوني حظوظ راجحة.
وإن الرئيس بري، الى ذلك، لن يكون العقبة التي تحول دون وصول الجنرال الى الرئاسة إذا توافرت الأكثرية النيابية الوازنة لعون. وإن هذا الموقف تبلغه حزب اللّه، وإن كانت عين التينة تفضّل الإنتقال الى المرشح التوافقي.
وإن الوزير وليد جنبلاط وهو الأكثر تحرّجاً إزاء هذا الترشح بين السياسيين والأقطاب جميعاً… فهو يعرف ماذا يعني أن يتوافق ثنائي عون – جعجع إنتخابياً في الجبل… وأصلاً هو أول من أشار الى هذه النقطة بقوله، الأسبوع الماضي، إن ما بعد تفاهم معراب هو غير ما قبله على الصعيد الإنتخابي مشيراً الى الحضور الكبير لهذا الثنائي في الجبل.
ويقولون أيضاً وأيضاً.
إنّ الوزير سليمان فرنجية عنده مسلّمات قد لا يكون مستحيلاً التوفيق بينها وهي: (1) لن يلغي نفسه ولن يسمح لأحد بإلغائه. (2) لن يطلع من تحالفه مع حزب اللّه ولن يسمح لأي ظرف أن يطلعه منه. (3) لن يراهن على »ثبات« موقف وليد جنبلاط. (4) لن يفوته أنّ البعض يعمل على تحسين وضعه في المحاصصة (…).