IMLebanon

هذه الـ «ولكن» اللعينة

 

كلهم متفائلون… ولكن!

 

كلهم يأملون خيراً… ولكن!

 

كلهم يتنازلون… ولكن!

 

كلهم حريصون على لبنان… ولكن!

 

كلهم «أم الصبي»… ولكن!

 

أليس هذه حالنا في لبنان أمام أزمة تعذر تشكيل الحكومة؟ وإلاّ، لماذا لم تشكل الحكومة بعد ما داموا، جميعاً، متفائلين، وآملين خيراً، ومتنازلين، وحريصين على لبنان، وأمهات الصبي؟!

 

يطلع عليك فريق 8 آذار بكلام خلاصته: كنا على أبواب تشكيل الحكومة… ولكن الرئيس المكلّف رفض الإنفتاح على النواب السنيين الستّة.

 

ويرمي فريق 14 آذار، في وجهك مقولته الشهيرة: كنا في الطريق الى إصدار المراسيم… ولكن حزب اللّه أخرج من جعبته، ورقة النواب الستة ووضع لهم إطاراً إسمه «اللقاء التشاوري» فعدنا الى المربّع الأول. والمسألة كلها إن إيران تريد أن تحتفظ بالورقة اللبنانية لتضعها على الطاولة في وجه الأميركي، فارض العقوبات القاسية عليها. فرفع سماحة السيّد حسن نصراللّه الإصبع الشهيرة في وجه الحل مهدداً ومتوعداً.

 

فريق رئيس الجمهورية يقول: كنّا سنبدأ السنة الثالثة من العهد بحكومة جديدة… ولكن الذين غاظهم «الرئيس القوي» أرادوا أن يثبتوا أنّ «الرئيس القوي» ممنوع أن يكون قوياً.

 

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يبحث عن «أم الصبي»… ولكن هذا «الصبي» (مصلحة لبنان العليا) يريدونه يتيماً لطيماً.

 

طرف «من هنا» يقول: نحن الحريصون على لبنان… ولكن الطرف الآخر لا يملك مثل هذا الحرص.

 

والـ»طرف من هناك» يقول: بل نحن الحريصون عليه… ولكن ذلك «الطرف من هنا» ليس حريصاً!

 

سبعة أشهر ونصف الشهر وهذه الـ «ولكن» اللعينة تنتصب فارضة ذاتها في أقوال الجميع!

 

قديما قيل إن أحد علماء اللغة وهو «الفرّاء» قال: «أموت وفي نفسي شيء من حتّى». وقيل بل ان هذا الكلام هو لـ»المبرّد»، عالم الصرف والنحو. والسبب ان إستعمالات كلمة «حتى» تكون استئنافية، وبالتالي ما بعدها مرفوع. وتكون جارّة وما بعدها مجرور بالكسر. وقد تكون عاطفة وما بعدها منصوب على العطف  بالفتحة مثال «أكلَ السمكة حتى رأسَها» الخ… أي أن «حتّى» كلمة حيّرت علماء الصرف والنحو.

 

ونحن حيّرتنا كلمة «ولكن» الإعتراضية». فهل ما بعدها حال رفع، لرفع الحكومة من مستنقع التعطيل. أو حال نصب وما أكثر النصب في هذا البلد. أو حال جرّ (على قاعدة الجار والمجرور) وما أدراك ما هي أوضاع المجارير من مجرور الرملة البيضاء الى سائر المجارير!

 

اتقوا اللّه في هذا الوطن الذي، من أسف، بات يتيم الوالدين! فالبحث لم يعد يكفي يا فخامة الرئيس عن أم الصبي، بل عن أبيه وأمه معاً، وربّما عن جدّيه كذلك… و»لكن» حذار… فمثل هذا البحث قد يدخلنا في متاهة أين منها «دويّخة» تأليف الحكومة، إذ يكفينا ما فينا ولسنا مضطرين في إطار البحث عن الأصول والجدود أن ندوخ بين جد يعربي وجد فينيقي، دوخان لا ينقص المترنّحين فيه حشيشة البقاع ولا التاريخ المدوّن (حفراً وتنزيلاً) على صخرة نهر الكلب!.