IMLebanon

زمن القرارات  في وقت الحشرة

تفسير الأزمات المعقّدة في المنطقة لم يعد يحتاج الى اجتهادات حائرة، لأن التطورات أسقطت الكثير من الأقنعة مع مرور الزمن، والاضطرار الى اتخاذ قرارات في وقت الحشرة. وليست أميركا في طليعة المحشورين، في العراق وسوريا ومنهما الى اليمن وليبيا. ذلك أن أميركا هي بلاد الخيارات المفتوحة أمام الادارة لاتخاذ المواقف التي تخدم مصالحها بالتناغم مع أوضاعها الداخلية من جهة، ومع ما يستجد في أزمات المنطقة، من جهة ثانية. وتمرّ الولايات المتحدة اليوم في مرحلة انتقالية بين نهاية عهد وانبثاق عهد جديد، وفيها يُعرف الرئيس بأنه يتحوّل الى بطة عرجاء، أي غير قادر أو غير مريد لاتخاذ قرارات حاسمة… وهذا ما يفعله اليوم الرئيس الأميركي أوباما على مشارف نهاية عهده، ويخفّف بارادته من قدرته على ممارسة صلاحياته. وعندما تصطدم دبلوماسية ادارته بتوجهات مغايرة للقيادات العسكرية والاستخباراتية، فانه ينكفئ طوعاً، ويترك الزمام مرحلياً لتلك القيادات غير المدنية، في انتظار انبثاق العهد الجديد.

***

غالباً ما تكون المراحل الانتقالية هي الأصعب والأشدّ تعقيداً بما يرافقها من تصعيد للصراع بين مختلف أطراف النزاع، بحثاً عن مواقع أفضل عندما يحين زمن الحلول، وهذا ما يشبه آلام الحامل وأوجاعها قبل الوضع. والتطورات الراهنة في سوريا والمنطقة تعني المزيد من الشيء نفسه الى اشعار آخر، وان الأوضاع مستمرة هبوطاً وصعوداً الى ما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، والى ما بعد المائة يوم الأولى التي تحتاجها الادارة الجديدة للاقلاع. وهي فترة زمنية طويلة نسبياً، نظراً لحالة الاهتراء المتراكمة والمستمرة لدى دول المنطقة، الغارقة في الحروب، أو حتى الدول التي لا تزال تحتفظ بحد أدنى من الاستقرار الصوري النسبي مثل لبنان. وليس في الأفق المنظور ما يشير حتى الآن الى أن زعامات القوى السياسية اللبنانية سيكون لديها من الحكمة ما يدفعها الى الاستفادة من الحالة الاستثنائية اللبنانية الراهنة…

***

أليس من الغريب ألاّ يتّعظ القادة اللبنانيون من الحكمة الموروثة القائلة: ما متت… ما شفت مين مات؟!