أمّا وأنّ المساعي الحميدة التي بذلها مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم مُكَلَّفاً من الرئيس ميشال عون ستُكَلَّل بالخير خلال الساعات المقبلة، بتشكيل الحكومة المنشودة، فثمة خواطر سريعة لابدّ منها:
أولاً – هذه الحكومة ستكون الأولى في لبنان التي تشكل بعد إنتخابات نيابية أُجريت على أساس النسبية، وقد روعي في تأليفها مبدأ النسبية الثانية: أي وزير لكل أربعة نواب عموماً.
ثانياً – وهذا يعني أن كتل مجلس النواب الفاعلة كلّها سيكون لها حضور في السلطة التنفيذية، باستثناء قلة من النواب غير المنتمين الى كتل، أو أولئك الذين انضووا في كتل لم تبلغ الأربعة وزراء.
ثالثاً – هذه الحكومة التي ستولد بعد مخاض عسير كاد أن يبلغ باللبنانيين حدّ الكفر، ستكون فيها وجوه جديدة عديدة ما كانت تحلم بالدخول الى جنّة الحكم.
1 Banner El Shark 728×90
رابعاً – من المنتظر أن تشكّل المرأة حضوراً ملحوظاً في الحكومة العتيدة. صحيح أن النسبة لن تكون مرتفعة، ولكنها بالتأكيد ستكون لافتة. وهذا فأل خير على كل حال، وبداية لمرحلة يؤمل ألاّ تكون بعيدة تنال المرأة اللبنانية فيها حقّها في أن يكون لها حضور وازن إن في المجلس النيابي أو في السلطة التنفيذية… وفي تقديرنا أننا سائرون الى هذا المنحى حتى إذا أجريت تعديلات على قانون الإنتخاب الحالي، أو أي قانون بديل، طاولت هذه التعديلات حضور المرأة بتحديد حصتها من المشاركة الفعلية في السلطة.
خامساً – لقد أهدروا كثيراً من الوقت الثمين للغاية في تأخير تشكيل الحكومة، وبالتالي يؤمل ألاّ يستغرق إعداد البيان الوزاري فإقراره وقتاً طويلاً أيضاً. والأمل أن يكون تفاؤل الرئيس سعد الحريري في محلّه بالنسبة الى هذه النقطة. اللبنانيون يعرفون المسائل التي يختلف عليها الأفرقاء، وبالتالي فقد اكتووا بالمماحكات والخلافات والصدامات. وفي التقدير أن المطلوب هو ترك القضايا الاستراتيجية التي عليها خلاف كبير الى حيث يجب أن تبحث على طاولة حوار وطني قد تكون الدعوة إليها في طليعة أجندة الرئيس ميشال عون، أما الحكومة فتنصرف الى مواجهة فمعالجة قضايا الناس وهمومهم من لقمة العيش الى المصباح الكهربائي، ومن نقطة الماء الى كيس النفايات!
سادساً – لسنا في موقع النصح، إلاّ أننا نرى أن يخصص مجلس الوزراء الجلسات الأولى على قاعدة «الجلسة بقضية». أي تخصص جلسة للكهرباء ولا تنتهي الجلسة إلاّ بالتوافق على حل للكهرباء ولو استمر البحث يوماً ويومين وثلاثة… والجلسة الثانية تخصص للنفايات. والثالثة لتحقيق الإصلاحات أو الملحّ منها بما يُسهم في تسهيل تنفيذ مقررات مؤتمر «سادر» الخ…
فالمطلوب ورشة عمل لا تتوقف، خصوصاً وأنّ المعلومات المتوافرة لنا تبيّن أن الرئيس ميشال عون وفريقه قد أعدّا مشاريع قابلة للتنفيذ تعرض على مجلس الوزراء الأمور التي ذكرناها أعلاه. وسواها أيضاً.