IMLebanon

الى الانتخابات

 

الطحشة الاسرائيلية على الحدود البرّية والبحرية للبنان، كأنها جاءت في توقيت مدروس، بل في عزّ حشرة اللبنانيين بالانتخابات النيابية والمؤتمرات الدولية مع موجبات التحضير لهذه، والاستعداد لتلك، من ترشيحات وتحالفات وتنظيم لوائح، الى استعجال الموازنة العامة قبل الانتخابات، وضمن الموازنة، ما يتوجب من التخفيضات الانفاقية العشوائية الخارجة عن كل مألوف، والاصلاحات الضرائبية، التي تتطلب خفضا من جهة واضافة من جهات، حتى ان أحد الخبراء، تحدث ساخرا، عن تفكير في وزارة المال باستحداث ضريبة سنوية من خلال تجديد عقود الزواج، كما حال الميكانيك على السيارات، انما من دون الخضوع للمعاينة بالأكيد…

ومع ذلك، كان الموقف اللبناني أصلب من التوقعات، لأن الوسيطين الأميركيين وزير الخارجية تيلرسون ومساعده ساترفيلد، طرحا أفكار سلفهما هوف القديمة والمسحوبة من التداول في لبنان، وعندما قرّر الثلاثي الرئاسي اللبناني المتابعة في الأخذ والردّ مع الأصدقاء الأميركيين، اعترافا بحديهم على استقرار لبنان وتعزيز جيشه، اكتشفوا ان الطرف الأميركي لم يقدّم أي ضمانة على استعداد بلاده لردع اسرائيل، اذا ما تجرّأت ومدّت اليد على صحن النفط والغاز اللبنانيين، المعروف بالبلوك التاسع، كما لن تفرض عليها الامتناع عن بناء الجدار الاسمنتي على حدود الخط الأزرق، وجلّ ما عرضه الرجلان، المساعدة في اقناع اسرائيل على مدّ الخط الأزرق الى البحر.

 

لكن اذا لم يعالج الخلاف على الخط الازرق البرّي، فأي اتفاق يمكن أن يقوم حول الخط البحري الذي سيكون امتدادا له؟

خلاصة الطرح الأميركي الأخير لساترفيلد ان يقبل لبنان بشيء من الادعاءات الاسرائيلية من باب الاستجابة، وتدليلا على حسن النيّة! انما متى كان الاسرائيلي يرى حسن النيّة، إلاّ ضعفا وركاكة وبابا للمطالبة بالمزيد من التنازلات؟

عناصر أخرى دعمت الصدّ اللبناني للطروحات الاسرائيلية، كالحصانة الدولية للاستقرار اللبناني بوجه المحارق الاقليمية المشتعلة، ليس لأن لبنان أعزّ على قلوب دعاة استقراره، بل لأنهم يريدونه ممرا آمنا لقادة حروبهم المتعددة المحاور في سوريا، وملاذا مؤقتا لمئات الآلاف من النازحين السوريين المتطلعين نحو البحر جسر عبورهم الى البرّ الأوروبي.

وضمن هذه العناصر، سياسة حافة الحرب، والاستعدادات التامة لها، والتي تبدت في تمكّن الوكلاء المحليين من اسقاط طائرات الكبار… لقد عمل اللبنانيون وفق الحكمة القائلة، أطلب الموت يخشاه عدوّك…

يضاف الى ذلك قول الوزير الاسرائيلي موشي يعالون، الذي يكشف عن استراتيجيات اسرائيل الراهنة، القائلة، بأنه ليس من السياسة في شيء أن تقضي على عدوّك بيدك، انما أن يتولى هو ذلك بنفسه أو بيد أخيه، حيث تكون المتعة أكبر….

هذه السياسة معتمدة من الكبار أيضا، انهم يشكّلون ميليشيات معادية، بحيث يكون القاتل والمقتول من الأعداء، والنعيم لمن يبقى.

وأمام هذه المعطيات، أدارت السلطة ظهرها للمطامع الاسرائيلية، وانصرفت الى استحقاقاتها الأخرى من الانتخابات الى الموازنات الى مؤتمرات الدعم للجيش والقوى الأمنية، مع إبقاء العين على الداخل، بقدر ما هي على الحدود، فالأفعى في الجيب، ولا أحد يدرك متى تلسع وأين، طالما انها قادرة على التسلل الى مكامن الضعف، وما أكثرها، بمعزل عن الحصانات الأمنية المميّزة.