IMLebanon

إلى أصحاب المولِّدات: كفى  ولتحزم الدولة أمرها

 

لا يعني المواطن ما هي الخلافات بين أصحاب المولِّدات ووزارة الطاقة المعنية بملف الكهرباء، ووزارة الإقتصاد المعنية بحماية مصلحة المستهلك. كلُّ ما يعنيه أن يتوفر له التيار الكهربائي بتسعيرة معقولة يستطيع تحملها، كعبء لا بدَّ منه، من ضمن الأعباء الملقاة على عاتقه.

***

أصحاب المولِّدات هم في السوق منذ ربع قرن:

عملوا من دون ضوابط ومن دون وازع أو رادع، سواء على مستوى التسعيرة أو على مستوى استخدام منشآت الدولة لجهة استخدام أعمدة البلديات وبناها التحتية. كانوا يضعون التسعيرة التي تناسبهم غير آبهين للأعباء التي يتكبدها المواطن. وكانوا يتواطؤون مع بعض رؤساء البلديات الذين كانوا يسلِّمون بالأمر الواقع، لأنَّ بعضهم كانوا شركاء بالمولِّدات إنْ لم يكونوا من أصحابها.

إضافة إلى لوبي المولِّدات هناك كارتيل المازوت الذي يستفيد من وجود أكثر من عشرة آلاف مولد على الأراضي اللبنانية، وهذا الكارتيل سيقاتل حتى بأظفاره ليبقى ظافراً بهذه الحقوق المكتسبة فيرفعون أسعار المحروقات من دون حسيب أو رقيب، فيعمد صاحب المولِّد إلى تحميل المستهلك الفروقات. وهذا المواطن المعتر هو الذي يتحمل ارتفاع أسعار المحروقات وبالتالي تأتيه الفاتورة مضاعفة من دون أن تكون لديه القدرة على رفضها.

 

***

كان يقال على قد بساطك مد رجليك، اليوم يقال:

على قد ما في جيبك من أموال ضاعف اشتراك مولِّدك:

مئة دولار هي قيمة اشتراك الخمسة أمبير، وما أدراك أيها المواطن ما قدرة الخمسة أمبير! هي لا تفعل شيئاً ولا تنير شيئاً، وبالكاد كم لمبة صغيرة، أما البراد والغسالة والمكواة والمكيّف، فحدّث ولا حرج، فممنوع على المواطن العادي أن يكون لديه كل هذا الترف!

أكثر من ذلك فإنَّ كلفة الخمسة أمبير توازي ربع الحد الأدنى للأجور، فماذا يتبقى للمواطن من كلفة فواتير لزوم ما يلزم؟

فإذا كانت الفواتير أمامه وتهديدات أصحاب المولدات وراءه، فإلى أين المفر؟

***

لا يكتفي أصحاب المولِّدات بهذا الإرتفاع الهائل في التسعيرة، بل يلوحون بإغراق البلاد في العتمة بعد التسعيرة التي أصدرتها وزارة الإقتصاد والتي لا تناسبهم. يعرف أصحاب المولِّدات أنَّ الدولة لا تستطيع تأمين الكهرباء للمواطن وحدها، لهذا فهُم ومن دون أيِّ مسوِّغ قانوني وحتى أخلاقي، في موقع المتحكِّم، فتسعيرة أصحاب المولدات تعادل ثلاثة أضعاف ما يدفعه المواطن لكهرباء الدولة.

***

إنَّ تشرين الأول لناظره قريب، وهو شهر الإنتهاء من تركيب العدادات لينتهي المواطن والدولة من ابتزاز أصحاب المولِّدات، فهل يُنفِّذ أصحاب المولِّدات تهديداتهم ويطفئون مولداتهم؟

عندها على الدولة أن تتخذ القرار الشجاع فتترك أصحاب المولِّدات يتصرفون وفق ما يشاؤون، لتبني على الشيء مقتضاه.

إنَّ العدادات يجب أن تُركَّب وتكون منجزة اعتباراً من الأول من تشرين الأول المقبل، وعندها فليدفع غرامة كل مَن لا يلتزم بتركيب العدادات، لأنه يكفي ما حققه أصحاب المولدات من ملايين الدولارات.

***

يبدو أنَّ الدولة حزمت أمرها، والأول من تشرين الأول لناظره قريب، فكلُّ المؤشرات تقول إنَّ مصلحة حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد ستكون بالمرصاد لكل محاولات التلاعب التي سيقوم بها أصحاب المولدات.

***

لكن كل هذه الأمور يُفترض ألا تعفي الدولة من واجباتها حيال معضلة الكهرباء. فعاجلاً أم آجلاً يجب الإنتهاء من فضيحة المولِّدات ومن الهروب من دلفة المولِّدات إلى مزراب البواخر. لا شيء مجانياً في هذه الدنيا. فعندما يجري الحديث عن باخرة ثالثة مجانية لثلاثة أشهر، فهذا يعني أنَّ هناك أمراً في مكان ما دفع بهذا الأمر ولهذه المجانية.

***

بلومبيرغ قالت في تقرير لها عن واقع الكهرباء في لبنان إنَّ قطاع المولِّدات تديره مافيات، والإستثمار فيه يصل إلى مليار ونصف المليار دولار. وعليه فكيف سيتخلى أصحاب المولِّدات عن هذا المنجم؟

إنَّها مسؤولية الدولة في أن تنقذ المواطن من أصحاب المولِّدات:

فلتحزم أمرها ولا يفترض فيها أن تضع المواطن في وجه أصحاب المولِّدات لأنَّه هو الحلقة الأضعف.