IMLebanon

اليوم دور اللاجىء… وغداً دور النازح؟!

 

في خمسينات القرن الماضي، تصارعت على امتداد الساحة العربية نظريتان متناقضتان حول الطريق الأسلم لحلّ القضية الفلسطينية، الاولى اطلقها الرئىس المصري جمال عبد الناصر وتقول «ما أُخذ بالقوّة، لا يستردّ الاّ بالقوة». والثانية كانت للرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، الذي نصح الفلسطينيين والدول العربية الأخذ بمبدأ «خذ وطالب»، وكان المعروض يوماً قبول الفلسطينيين والعرب بقرار تقسيم فلسطين الذي اتفق عليه مجلس الأمن في الاربعينات، وقبلت به اسرائيل يومها، ورفضه الفلسطينيون والعرب.

 

كالعادة قامت القيامة على بورقيبة وخوّن وهوجم في كل عاصمة عربية، وكانوا يومها على حقّ، لأن الشعور القومي العربي كان في اوجه بعد نجاح الثورة في مصر والعراق وسوريا وقيام الوحدة بين مصر وسوريا، وخلع إمام اليمن، اعتقاداً من الشعوب العربية وايمانها منها، بأن تحرير فلسطين لم يعد مستحيلاً.

 

العودة الى ما حصل بعد ذلك، لم تعد مفيدة، وهو معروف من الجميع، المهمّ أن العالم العربي اليوم الذي اتخنه «الربيع العربي» الدامي، امام محطة جديدة للخلافات أطلقها أمس مؤتمر البحرين، وقاطعه لبنان من ضمن الدول العربية التي قاطعته، وحسناً فعل، لأن القبول بما تطرحه الولايات المتحدة الأميركية لمصلحة «اسرائيل»، يعني لبنانياً العودة الى ما طرحه وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية هنري كيسنجر، اثناء الحرب في لبنان، بأن البواخر الأميركية جاهزة لنقل المسيحيين الى اميركا والعالم الغربي لتأمين دولة بديلة للفلسطينيين، ولولا مقاومة المسيحيين طرح كيسنجر، ومقاومة منظمة التحرير الفلسطينية وجميع الفصائل الاخرى وسقوط عشرات الوف الضحايا كان المسيحيون لاجئين في دول العالم، ومن المؤكد انهم سيلاقون المصير ذاته اذا نجحت اميركا و«اسرائيل» بشراء بعض الذمم العربية، وتم تحقيق صفقة العصر التي سيكون لبنان ضحيتها الاولى، واذا كان اليوم دور اللاجئ الفلسطيني في التوطين، سيكون الغد، على ما يبدو اليوم، دور النازح السوري، وبين اليوم والغد سيفرغ لبنان من المسيحيين ومن غير المسيحيين ايضاً.

 

* * *

 

ما يحاك اليوم ليس صفقة العصر، ولا عصر المنّ والسلوى في لبنان وفلسطين والاردن، انه عصر المؤامرة المستمرة، من اليهودي كيسنجر الى اليهودي صهر الرئيس الاميركي دونالد ترامب، والخوف كل الخوف ان تأخذ المؤامرة الخبيثة شــكلها الحقــيقي، فتــغرق المنطقة في بحر من الدماء.

 

السؤال، من كان على حق، عبد الناصر او بورقيبة؟