IMLebanon

مأساتنا ليست قدراً  

 

الزلزال قضاءٌ وقدر.

 

التسونامي قضاءٌ وقدر.

 

الانهيار الثلجي قضاءٌ وقدر.

 

الأعاصير والأنواء، خارقة الطبيعة، قضاءٌ وقدر (…).

 

أما مآسينا في لبنان، وبالذات مأساة بيروت إثر جحيم المرفأ، فليست قضاءً وقدراً.

 

الإهمال ليس قدراً. إنه قرارٌ تترتب عليه مسؤوليات.

 

أن يختار من هم وراء السفينة المشبوهة مرفأ بيروت ليس قضاءً وقدراً. إنه قرار عن سابق قصد وعمد، لأنهم يعرفون «أحوال» المرفأ التي هي أيضاً ليست قضاءً وقدراً إنما هي نتيجة اللادولة. ونتيجة الفساد المستشري. ونتيجة نمط حياة قائم على الانهيار الأخلاقي في كل مكان، وبلا حدود.

 

ودولتنا العليّة، التي تعاقبت نجومها الساطعة على سمائنا منذ أمد طويل وحتى اليوم، ليست قضاءً وقدراً. إن هي إلا نتيجة فعل إرادة نتغنّى، نحن اللبنانيين، بأننا نمارسها من وراء واجهة برّاقة اسمها الديموقراطية، وهي أشبه ما تكون بالقبور المكلّسة التي تحدّث عنها المسيح. وفي كل مرة يقع اللبنانيون في المأساة، يتبارَون في شتم المسؤولين في السلطات كلها، ولكنهم يُعيدون إنتاجهم في الانتخابات النيابية، بل يتسابقون ويتنافسون ويتضاربون «ويتقاوصون» من أجل إعادتهم. وهذا ليس قضاءً وقدراً.

 

وعدم تحديد المسؤوليات ليس قضاءً وقدراً. إنما هو تقصير، وهو تواطؤ، وهو فساد، وهو تخاذل، وهو استلشاق، وهو تعاقدٌ جهنميٌ مع الفساد.

 

ولأننا لم نبنِ دولةً، فهذا ليس قضاءً وقدراً. هو تأكيدٌ على الشعب الذي يستقيل من المسؤولية. وعلى «النخبة» (وأي نخبة!؟) التي تستبيح الممنوع، وتحلل المحظور، وتتمادى في غيها و… إهمالها، إلا عندما يتعلق الأمر بمصالحها. وهو أيضاً دليلٌ أكيد على أن تلك النخبة أثبتت، وبكفاءةٍ نادرة، أنها تستطيب التبعية، وتستلذ الارتباط وتستمرئ الانقياد لأوامر الخارج (…).

 

… و»تقدرون، فتضحك الأقدار»… أما نحن فنبكي وتنفطر قلوبنا على البشر والحجر.

 

رحم اللّه الشهداء وبرّد القلوب