IMLebanon

تراجيديا – كوميديا على مسرح العبث

ليس الدوران لأشهر حول تأليف حكومة سوى صورة في مشهد الدوران الدائم في دوامة اكبر. والأخطر من الدوران هو التكيّف مع القوى والأمور التي تفرضه والتسليم بانه الأمر المألوف. فما يختصر المشهد من الداخل معادلتان من المفارقات: أقوياء في سلطة ضعيفة. وناجحون في دولة فاشلة. وما يختصر المشهد من الخارج معادلة ثابتة في لعبة يتغير لاعبوها: بلد مصادر لأدوار اكبر منه، ومحروس ليستمر في تقديم خدمات مطلوبة منه وله، بصرف النظر عن مدى النفع أو الضرر على شعبه الصابر.

ذلك اننا نحرص على وجود قوات اليونيفيل في الجنوب والتجديد لها، ونشهد هجوم الاهالي عليها ثم نرفض تطوير مهامها، ونسلم باننا جزء من محور الممانعة والمقاومة. نقرأ في تقرير الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيرس عن حال القرار ١٧٠١ الشكوى من تقويض قدرة الحكومة على ممارسة سلطتها وسيادتها، ثم نتقاتل على ما نسميها وزارات سيادية هي الدفاع والخارجية والمال والداخلية. لا بل نحدد تسلمها بأربعة مذاهب هي السنة والشيعة والموارنة والارثوذكس، بعدما كانت مفتوحة مثل سواها لكل الطوائف والمذاهب، ثم نحصر الحصول عليها واحيانا استملاكها بعدد محدود من التيارات والاحزاب في المذاهب الاربعة. واخر ما يبدو محل الاهتمام هو مؤهلات أو كفاية الاشخاص الذين يتقلدون هذه الوزارات. ولا أحد يعرف الى متى تدوم هذه التراجيديا – الكوميديا على مسرح العبث.

 

ولا شيء يضمن قرب التوقف عن الدوران حول الحكومة، برغم الاشارات التي يرسلها بين اسبوع وآخر المؤمنون بنظرية البير كامي عن اختراع الأمل. لكن شبه المضمون هو غياب اية فرصة لأن تأتي حكومة على مستوى التحديات الداخلية والخارجية امام لبنان. فالذين استهلكوا كل هذا الوقت في سجال الحصص والاحجام يصعب ان يكونوا مشغولين بالبرامج والكفايات التي لا معنى للحكومة من دونها. وهم يعرفون بالممارسة ان الأوزان والاحجام ليست بالعدد في مجلس الوزراء، وان النظام الطائفي يحكم احيانا بانعدام الوزن على الذين يبالغون في حساب الوزن.

حين حاول اللورد داربي ان يشرح للملكة فيكتوريا مشكلة رئيس الوزراء دزرائيلي، فانه اختصر المشكلة بالقول: دزرائيلي عليه صنع موقعه. لذلك يقول ويفعل ما لا حاجة الى قوله وفعله بالنسبة الى الذين صنعوا مواقعهم. لكن مشكلتنا نحن اننا نسمع ما لا حاجة الى قوله ونرى ما لا حاجة الى فعله من الذين يحاولون صنع مواقعهم والذين مواقعهم مصنوعة وجاهزة وثابتة.