IMLebanon

الثلاثيّة «الهردبشتيّة»  

 

تبدأ اليوم الاستشارات النيابيّة الملزمة الماراتونيّة، وستفضي هذه الاستشارات إلى تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة العتيدة، وبالرّغم من التوصيات المعلنة للإسراع في التأليف، لن تلبث عقد التنازع على الحصص الحكوميّة أن تفضي إلى تعقيد عمليّة التأليف، هذا موّالٌ حفظناه في لبنان، ولكن الأخطر من مناتشات الحصص، هو فرض عودة رموز النظام السوري إلى البرلمان اللبناني وعودة سياسة فرضهم ودائع في الحكومات اللبنانيّة، مع هذه الحكومة تحديداً سيصبح الحديث عن اعتماد التصويت في الحكومة سبيلاً لإقرار القوانين، لن يعود للديموقراطيّة التوافقيّة أيّ معنى ولا «للتوافق» في مجلس الوزراء أي قيمة، سنجد أنفسنا مع تشكيل هذه الحكومة أمام حكومة تمثّل إيران والممانعة أكثر ممّا تمثل اللبنانيّين أو حتى سياسة النأي بالنّفس العرجاء!

 

وبعد كلّ هذا سنجد أنفسنا مجدداً في لحظة اشتباك إقليمي دولي أمام معضلة البيان الوزاري لن يسمح حزب الله باعتماد اللغة المطاطيّة التي استخدمت في البيان الحكومي السابق، الوقائع التي تعانيها إيران والتي خَلُصت إلى صدور القرار بطردها من سوريا وربّما من لبنان أيضاً ـ ونتمنّى ذلك ـ أمام هذه الوقائع والعقوبات المفروضة على حزب الله وإيران، ولِنُذُر الحرب المقبلة لن يقبل حزب الله بأقلّ من حماية نفسه وبالنصّ بوضوح على «الثلاثيّة الهردبشتيّة» التي يفرضها بقوّة الفجور والسّلاح على الشعب اللبناني «جيش شعب مقاومة»، وهذا داء عضال لن يتخلّص منه لبنان إلا بتخلّصه من هيمنة سلاح حزب الله.

منذ وصف الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس لإيران بأنها «أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم»، ونحن نسمع هديراً عالياً في المنطقة طائرات مجهولة تقصف مواقع وثكنات ومستودعات صواريخ الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، ومن المؤسف أنّ ما أفرزته الانتخابات النيابيّة هو انتصار لفريق الممانعة بحيث فقد أشلاء 14 آذار أكثريّتها، الأكثريّة أصبحت في مكان آخر، حتى كتلة النائب السابق وليد جنبلاط فقد معها أن يكون «بيضة القبّان»، أما الاحتفاء بالانتصارات فلا يسمن ولا يغني من جوع حتى لو توحّد المنتصرون لن يشكّلوا أكثريّة، بالأمس عاد نيابة رئاسة المجلس النيابي إيلي الفرزلي صاحب نظريّة «العمليّة الاستشهاديّة» لعملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والآتي أعظم، ماذا لو رأينا اللواء جميل السيّد على رأس وزارة سياديّة، ولا نستبعد هذا أبداً؟!

من المؤسف أنّ المتفائلين والمنتصرين يضحكون على اللبنانيّين، لبنان ذاهب باتجاه نفق بائس، كأنّه قُدّر لنا كشعب أن نعيش في أنفاق معتمة نعبرها الواحد تلو الآخر وهي لا تنتهي أبداً، وتشكيل الحكومة وبيانها سيكون «البحتة» الإيرانيّة الكبرى وعساها تكون الأخيرة، فنحن نتعامل مع دولة إرهابيّة مجنونة لها ذراع خبيث في لبنان متمدّد في المنطقة، لا شيء يدعو للتفاؤل هذه الأيام، المنشغلون بادّعاء محاربة الفساد، والفاسدون، منشغلون بجبنة الشعب اللبناني، وحزب الله ذاهب باتجاه أخذ لبنان إلى مغامرة تغيير هويّته برغم أنف الجميع!

«الثلاثية الهردبشتيّة» ستقضي على لبنان في أي لحظة تندلع فيها المعركة الكبرى في المنطقة، إيران وحزب الله لن يخرجا من سورية، بالأمس قرأنا كلام المستشار العسكري للمرشد الإيراني الجنرال يحيى رحيم صفوي، كلام مجنون بكل المقاييس ـ وحزب الله أيضاً يعتنق هذا الجنون عقيدة ـ الذي يقول «لا بديل عند الله للجمهورية الإسلامية وهي الدولة الوحيدة بين 194 دولة التي تكونت وفقا للتعاليم القرآنية»، نحن في مواجهة إيران ومجانينها في حزب الله وأفكارهم «الهردبشتيّة»، وسندفع في لبنان في لحظة ما وهي لا بُدّ آتية سريعاً!