IMLebanon

هدنات وتفاهمات  

 

 

بالرغم من بعض الخروقات يمكن القول، بثقة، إن لقاء المصارحة  فالمصالحة في قصر بعبدا الرئاسي  قد أتى ثماره.

 

فالمصالحة ثابتة، ولم تستطع أن تهزها بضع تطورات أو بضعة أقوال وتصريحات كانت خجولة الى حدٍ  ما، وكأنّ أصحابها سعوا الى الاستئناس بالرأي العام فتبين لهم أن المواطنين تواقون الى السلام والامان، لأنهم يعرفون أن «الخربطات» الأمنية  هي  المدخل الى المجهول.  ويقتضي  الإنصاف الاعتراف بأنّ لقاء بعبدا برعاية الرئيس عون وحضوره وحضور القيادتين الدرزيتين  الممثلتين بوليد جنبلاط  وطلال أرسلان، هذا اللقاء قد أدى المطلوب منه في سرعة ضوئية فانقلب الوضع من حال الى حال.

 

قبل اللقاء كان اللهيب مشتعلاً وكانت الأصبع على الزناد، وكان المواطنون قد بدأوا يحسبون ويعدّون لأيام سود… ولكن انتهى ذلك كله في طرفة عين.

 

ويجب الاعتراف لوليد جنبلاط بأنه أجاد التعامل مع الأزمة فور وقوع حادثة الجبل (قبرشمون – البساتين) مستخدماً شتى أنواع «المواجهة» السياسية، وهو ما بلغ ذروته في الوفد الشوفي الكبير الذي «قادته» كريمة جنبلاط، ثم كان تبادل الكلمات بين الرئيس ميشال عون والوفد دليلاً قاطعاً على أن القرار متخذ وأنه ليس ظرفياً وحسب إنما هو يتجه نحو ورقة تفاهم كان الحديث متداولاً حولها، باستمرار منذ سنوات، ثم عاد الى الواجهة بعد طول أزمة وصلت الى حدود إطلاق النار وسقوط ضحيتين من أنصار المير طلال أرسلان.

 

وقد لا نكشف سراً إذا قلنا إن غير شخصية تبحث جدياً في تمهيد الطريق أمام «ورقة تفاهم» بين التيار الوطني الحر والتقدمي الاشتراكي… ولقد تكون بعض الشخصيات ذات الخبرة في أوراق «التفاهم» مكلفة جدياً أن تعد مشروع ورقة بين المختارة وميرنا الشالوحي. ويتردد أن هذا المسار سلكه أحد الطرفين، وباتت العناصر الرئيسية للورقة جاهزة، حتى إذا نضجت المساعي يُبنى على الشيء مقتضاه.

 

يحدث هذا في وقت يطرح السؤال ذاته عن موقف حلفاء التيار وفي طليعتهم حزب الله، واستطراداً أرسلان.

 

ولكن المعلومات المتوافرة تشير أيضاً الى أنّ المساعي  تبذل على نطاق جاد وحيوي بين حارة حريك والمختارة، ولم يعد خفياً على أحد أنها تكاد تبلغ حد اللقاء بين جنبلاط وحسن خليل مساعد سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله.  وطبعاً «الحزب» لن يقدم على أي خطوة على حساب حليفه الأرسلاني.

 

وهي مساع خيرة في جوانبها كلها. ولعل القيادات كافة أدركت سلسلة وقائع أبرزها ما يدور في المنطقة من تطورات في اتجاهين «يجب» أن يحسن لبنان التعامل معها: فهناك من جهة المعلومات المتقدمة على طريق حسم النظام  السوري مسألة استعادة مناطق سبق أن خسرها. وهو ما يحدث متزامناً مع الاتجاه الى حل أزمة اليمن على قاعدة العودة الى الدولتين إحداهما في الجنوب وعاصمتها عدن والثانية في الشمال وعاصمتها صنعاء. وهي تجربة  سبق لليمن أن وقع فيها. وكذلك إزالة التوتر بين طهران وأبو ظبي. ومن جهة ثانية خفت صوت قعقعة الحرب في الخليج بين واشنطن وإيران. وهذا كله لا يمكن أن يتم من دون موافقة أميركية. فهل دقت ساعة الهدنة الكبرى في الإقليم ما ينعكس إيجاباً على لبنان؟ أو أن المخفي أعظم؟!