IMLebanon

خيارات ترامب «الصارمة» في وجه إيران: ضغوط وحصار وردع.. وحرب غير تقليدية

 

مع الهجمة العدوانية الإسرائيلية المستجدة على غزة، المُزكاة أميركيا، تنتقل حملة الضغوط على المنطقة إلى مرحلة جديدة ترتبط ارتباطا وثيقة بما يدور في خلد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمستقبل هذه المنطقة.

من الواضح ان ما يجري تعدّى كونه دعما أميركيا مطلقا لإسرائيل، كما كان سابقا في وقت الإدارة الديموقراطية، ليصبح تماهيا بين الجانبين وحتى تخطيا أميركيا لإسرائيل في محاولة لكسب الوقت لتمرير المخطط الذي بدأ به ترامب في ولايته الأولى.

 

يتلخص الأمر في تصفية القضية الفلسطينية نهائيا، عبر التخلص من وجود الشعب الفلسطيني، ناهيك طبعا عن الشتات الفلسطيني الذي بات في خبر كان. ثم احلال إسرائيل دولة كبرى وفرض السلام غير المتوازن مع جيرانها العرب، وطبعا ضرب المحور المواجه لإسرائيل الذي تتزعمه إيران، في سبيل رؤية سياسية واقتصادية متكاملة للمنطقة وللعالم.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتخطى حليفه هنا بالذهاب أبعد من كل ذلك، عبر العمل على هدفه الموازي لضرب القضية الفلسطينية، نعني هنا اسقاط النظام في طهران، وتوجيه الضربات له مرحليا إذا كان من الصعوبة بمكان تدميره في هذه اللحظة التاريخية.

 

يأتي في إطار كل ذلك ما جرى في المنطقة خلال الأشهر الأخيرة من توجيه ضربة كبيرة للمحور في لبنان وإيران، وإسقاط النظام في سوريا، درّة تاج «جبهة المقاومة» حسب التعبير الإيراني، وصولا إلى تقسيمها وتفتيتها هي وغيرها طائفيا وعرقيا.

لا يذهب الأميركيون إلى هذا الحد، هم يضعون أهدافا سياسية، وفي لبنان لا يريدون افساد العهد الجديد الذي كانوا ورائه ووجهوا أخيرا بحمايته شرقا وشمالا بعد الاعتداءات السورية، واجبروا نتنياهو على إيقاف حربه ومنعوه من استئنافها حتى اللحظة.

لكن الأميركيين اليوم يمارسون ضغوطهم الكبيرة في محاولة لفرض تطبيع على كامل المنطقة، ومن ضمنها لبنان، وهم يعلمون ان الأهم هنا اضعاف ايران، ولذلك ثمة في الولايات المتحدة الأميركية من يشجع على اقتناص هذه الفرصة التاريخية بوجود ترامب ونتنياهو معا، لضرب ايران والتخلص منها.

لذلك فاللوبي المؤيد لإسرائيل يوجه في هذا الإطار عبر كثير من الحماس.

نتحدث هنا مثلا عن مركز أبحاث لامع هو «مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات» ‏«Foundation for Defense of Democracies – FDD»، الذي قدّم تقريرا بعنوان: نزع (السلاح) النووي الإيراني: الاتفاق الوحيد الذي يحمي أمن الولايات المتحدة وحلفائها.

‏Iran’s Nuclear Disarmament: The Only Deal That Protects U.S. and Allied Security.

يموَل المركز من قبل «منظمة المؤتمر اليهودي العالمي» والحكومة الأميركية ووكالات المعونة التابعة لها وتبرعات خاصة، واتخذ في تقريره نهجا صارما تجاه طهران، داعيا إلى تفكيك كامل للبنية التحتية النووية، بدلا من الاكتفاء بفرض قيود مؤقتة كما حدث في الاتفاق النووي للعام 2015.

وهو انتقد ما سمّاه النهج التدريج قائلا إن الاتفاق سمح لإيران بالاحتفاظ بالبنية التحتية اللازمة لبرنامج نووي سريع، مؤكدا ان أي اتفاقا مستقبليا يجب أن يؤدي إلى تفكيك كامل وقابل للتحقق لقدرات إيران على تخصيب اليورانيوم وإنتاج البلوتونيوم، إلى جانب إنهاء برنامجها للصواريخ الباليستية.

وطالب بتعزيز الرقابة الدولية عبر رقابة صارمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) ، مع منحها صلاحية الوصول الفوري وغير المشروط إلى المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية.

وفي  تقييم الوضع النووي الإيراني الحالي يشير إلى أن إيران تمتلك الآن ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع قنابل نووية عدة خلال أشهر، مما يجعلها أقرب من أي وقت مضى من امتلاك سلاح نووي.

ويعزو تسارع البرنامج النووي إلى تخفيف الضغوط الأميركية بعد العام 2021، في مقابل فترة من التراجع النسبي أثناء حملة «الضغط الأقصى» التي فرضتها إدارة ترامب.

وفي تصنيفه للتهديد الإيراني الأوسع،  لا ينظر التقرير إلى التهديد النووي بمعزل عن السياسات الإيرانية المزعزعة للاستقرار، مشيرا إلى ان برنامجها النووي مرتبط بتطوير الصواريخ الباليستية، ودعم الميليشيات، وتصدير الإرهاب.

أما على صعيد  استراتيجية التعامل مع إيران، فهو يدعو إلى اتباع نهج صارم متعدد الأبعاد، يجمع بين:

الضغوط الديبلوماسية: إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي.

الحصار الاقتصادي: فرض «حرب اقتصادية» حقيقية عبر استهداف القطاعات الحيوية مثل النفط والبتروكيماويات، وضمان تنفيذ العقوبات بصرامة حتى ضد الحلفاء.

الردع العسكري: الحفاظ على خيار عسكري أميركي وإسرائيلي موثوق، لدفع إيران إلى الامتثال أو مواجهة عواقب حقيقية.

الحرب غير التقليدية: استخدام الهجمات السيبرانية والتخريبية لتعطيل البرنامج النووي وتقويض القدرات العسكرية للنظام الإيراني.

من الضروري لفت الانتباه هنا إلى ان لمراكز الأبحاث أهمية كبيرة في الولايات المتحدة وغيرها من دول غربية ديموقراطية، كونها صائغة للقرار الرسمي في كثير من الأحيان يعتمد اصحاب القرار على خلاصاتها.

وبغض النظر عن الأخذ بها من عدمه، فإن سياسة الضغوط القصوى ستُتابَع تجاه طهران ولا تشكل العقوبات على وزير النفط الإيراني، محسن باكنجاد، سوى مثالا حيّاً على ذلك. في الوقت الذي أوصلت فيه طهران رسالتها للأميركيين أنها لن تصل إلى النووي العسكري، لكنها تريد التفاوض حول باقي الملفات ومنها الاستراتيجية، مع تجزئة القضايا وعدم شملها جميعها كما تريد واشنطن، ومن ضمنها ملفات المنطقة والمجموعات الحليفة لإيران مثل «حزب الله».