IMLebanon

تركيا عكس إيران وروسيا

تبدو سوريا الآن في خضم مسارين: الاول ديبلوماسي تقوده روسيا وايران والثاني عسكري تخوضه تركيا رجب طيب اردوغان. والخريطة العسكرية والسياسية لسوريا ستكون رهن أي تطور للاحداث في اتجاه من هذين الاتجاهين.

لن يكون اردوغان راضياً عن اية تسوية في سوريا تبقي الرئيس بشار الاسد في الحكم. وهو يخوض حربه ضد الاكراد تحت مسمى الانضمام الى الائتلاف الدولي لمحاربة “داعش”، والآن يستعد تحت الشعار نفسه لخوض معركة “المنطقة الآمنة” في شمال سوريا التي يعتبرها مقدمة لإسقاط النظام في سوريا أكثر منها لمحاربة “داعش” لأن ثمة شكاً فعلياً في انتهاء الوظيفة التركية للتنظيم وكذلك يصح القول عن “جبهة النصرة” وسائر التنظيمات الجهادية التي نمت في رعاية تركيا ودول الخليج العربية في الآونة الاخيرة باعتبارها الطرف الوحيد الذي يحرز تقدماً في مواجهة النظام السوري ومن خلفه ايران وروسيا.

من هنا ليس عبثاً ان يبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن صيغة تعيد رسم خريطة الصراع في سوريا بحيث يتشكل محور معادٍ لـ”داعش” يضم دمشق وانقرة والرياض. لكن الجواب التركي عن المسعى الروسي دخل أيضاً دائرة الابتزاز عندما لمح اردوغان قبل ايام الى انه لمس لدى بوتين مؤشرات تخلّ روسيّ عن الاسد. لكن المضمون الفعلي لكلام الرئيس التركي هو ان القبول التركي بمحور مناهض للجهاديين يضم دمشق مرهون بتخلي موسكو عن الاسد، تماما كما كان شرط اردوغان للسماح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة انجرليك، ان تطلق واشنطن يد تركيا في مقاتلة الاكراد.

العقدة التركية جعلت موسكو تذهب في اتجاه السعودية بحثاً عن اختراق سياسي في الازمة السورية من شأنه توفير الجهود لمحاربة الجهاديين الذين لن يقتصر خطرهم على دولة دون أخرى اذا ما تمكنوا من الساحة السورية كلياً. وليس بعيداً من روسيا تنشط طهران بدورها من أجل تغليب الحل السياسي في سوريا على الحل العسكري الذي لا يعني في النهاية سوى سيطرة الجهاديين على سوريا وزعزعة استقرار كل دول المنطقة.

وحده اردوغان وبعض المعارضين الليبراليين العرب وجلّهم من اليسار السابق لا يزالون في المربع الاول للازمة يعتقدون بسذاجة مطلقة ان “داعش” صنيعة النظام السوري وانه بمجرد سقوط النظام يزول “داعش” ويتحول منظمة من منظمات الاغاثة الدولية!

والى ان يحسم السباق بين الديبلوماسية الروسية – الايرانية والخيار العسكري لأردوغان، تبقى سوريا مسرحاً لتصعيد في مسرح العمليات العسكرية شمالاً وجنوباً ووسطاً. لكن الكارثة الكبرى ستكون في حال انتصار الخيار الاردوغاني ليس على سوريا فحسب وانما على المنطقة كلها.