IMLebanon

الصواريخ «مكتومة القيد».. واضحة الرسائل! ومخاوف من إستغلال إسرائيلي

 

لم تمضِ ساعات طويلة على «القنبلة السياسية» التي فجّرها رئيس الحكومة نوّاف سلام في حديثه الى إحدى القنوات التلفزيونية بأن «صفحة سلاح حزب الله انطوت» بعد البيان الوزاري، تماماً كشعار (شعب، جيش، مقاومة)، الذي إعتبره أنه «أصبح من الماضي»، حتى أطلقت رشقة صواريخ من منصة «بدائية» من جنوب لبنان، باتجاه مستوطنة «المطلة».

وبالرغم من ربط المتابعون بين الحدثين، فإنه كان لافتاً عدم تبنّي أي جهة لإطلاق الصواريخ، علماً أن الجيش اللبناني عثر على ثلاث منصات صواريخ (بدائية) الصنع في المنطقة الواقعة شمال نهر الليطاني، وعمل على تفكيكها، وذلك في إشارة إلى إستبعاد الشكوك حول وقوف حزب الله خلف العملية، بدليل مسارعته الى نفي أيّ علاقة له بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان على الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أن مصادره جددت التأكيد على التزامه باتفاق وقف إطلاق النار، ولم يخرج عن هذا الالتزام منذ اتفاق وقف إطلاق النار.

 

لكن هذا النفي لإطلاق الصواريخ التي بقيت «مكتومة القيد»، لم يمنع إسرائيل من رد سريع وعنيف وواسع، حيث نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية نحو 20 غارة ضدّ عشرات الأهداف في لبنان، بعدما أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس بتنفيذ سلسلتين من الضربات ضد عشرات الأهداف لحزب الله، وفقاً للإعلام العبري.

وتعمّد الحزب التعامل مع الغارات الإسرائيلية على أنه لعبة من إسرائيل لتبرير هجومها على لبنان، مؤكداً «الوقوف خلف الدولة اللبنانية في معالجة هذا «التصعيد الصهيوني الخطير»، لحشر الدولة في القيام بدورها في «مقاومة» العدوان، (حسبما جاء في خطاب القسم والبيان الوزاري)، وذلك تنفيذاً لإتفاق الهدنة بكل مندرجاته، لا سيما ما يتعلق بالالتزامات الإسرائيلية لجهة وقف اعتداءاتها والإنسحاب الكامل، وهذا ما لم تتقيّد به.

 

من جهته وفي مسعى لتبرئة الحزب والتأكيد على إلتزامه إتفاق الهدنة، طالب الرئيس نبيه بري الجيش والسلطات القضائية والأمنية ولجنة مراقبة وقف إطلاق النار إلى المسارعة بكشف ملابسات ما حصل في الجنوب، مشيراً إلى أن «المستفيد الأول والأخير من جرّ لبنان والمنطقة إلى دائرة الانفجار الكبير هي إسرائيل ومستوياتها الأمنية والعسكرية التي خرقت القرار 1701 وبنود وقف إطلاق النار بأكثر من 1500 خرق حتى الآن»، مشدّداً «التزام لبنان ومقاومته بشكل كلي بكل مندرجات الاتفاق».

بالرغم من أن الساحة اللبنانية لم تهدأ منذ إبرام إتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، إلّا أن ما حدث يوم السبت يمثل واحداً من أخطر حلقات التصعيد بين لبنان وإسرائيل، وسط مخاوف من العودة إلى الحرب وما تحمله من ضربات إسرائيلية قاسية تخلف المزيد من الدمار والقتلى.

لكن يبقى السؤال الذي يفرض نفسه: من هي الجهة التي وقفت خلف اطلاق الصواريخ؟ وما هي الغاية من منها؟

ترجّح المصادر أن يكون الهجوم من تنفيذ مسلحين فلسطينيين، «بقبة باط» من حزب الله، التي أراد من خلالها توجيه جملة رسائل الى الداخل والخارج.

على الصعيد الداخلي، إن إطلاق هذه الصواريخ (تمّت بطريقة تبعد الشبهات عن الحزب، وهي تمّت بالتحديد من شمال نهر الليطاني، وبذلك يقول إن أرض العمليات لم تعد في الجنوب بل شمال النهر)، هو بمثابة رسالة بأن حزب الله لا يزال موجوداً ولا يزال يمتلك القدرات، وبالتالي ما زال أيضاً جزءاً من محور الممانعة»، وكذلك التأييد مجدداً على وحدة الساحات، إذ أن العملية أتت بعد وقت من إستهداف إسرائيل من اليمن والعراق.

أما على الصعيد الخارجي، فإن الحزب أراد أن يوجه رسالة واضحة الى عواصم القرار والى الدول المنتظر أن تدعم لبنان على اعادة الاعمار، برفضه القاطع الربط بين موضوع سلاحه، في ظل الضغوط التي يواجهها لبنان الرسمي من دول غربية، في طليعتها الولايات المتحدة الأميركية، لجهة نزع سلاح الحزب، وإطلاق عجلة الدولة، كشرط أساسي لنيل لبنان مساعدات والسماح بتوظيف استثمارات فيه تنعش اقتصاده المنهار، خصوصاً مع تردد معلومات مفادها أن الدوائر الرسمية اللبنانية تبلّغت موقفاً من الولايات المتحدة، كونها تترأس لجنة وقف إطلاق النار، اعتبرت فيه واشنطن أن حزب الله ليس فقط لا يلتزم تطبيق قرار وقف، بل يسعى الى ترميم منظومته وترسانته العسكرية.

هل هذا يعني أن الحزب على استعداد للإنجرار مجدداً الى حرب (يسعى إليها نتنياهو)؟

تجيب المصادر المطّلعة أن الحزب ليس في هذا الوارد على الإطلاق، رغم ما يتردد عن ضغوط إيرانية لزجّه في حرب مع إسرائيل، ردّاً على التهديدات التي توجهها لها الإدارة الأميركية وتل أبيب، بدليل النفي السريع عن مسؤوليته عن اطلاق الصواريخ، الذي يحمل تأكيداً أن ليس لديه استعداد للحرب بأيّ صورة كانت، ولا حتى من باب المناوشات المحسوبة مع إسرائيل، كما أن هذا النفي يوجه رسالة إلى إيران بأن الحزب لا يقدر حاليا على أن يتولى معارك بدلا عنها.

لكن الخطر في الأمر أن إسرائيل ستستخدم هذا الحدث كذريعة لاستئناف العمليات العسكرية بقوة، في ظل إتهامها الدولة اللبنانية والجيش اللبناني بالتقصير في تنفيذ سحب سلاح الحزب، وهي بذلك تعطي نفسها مبرراً لاستمرار ضرباتها في ظل الضوء الأخضر الأميركي لها، الذي تبقى قوة الـ Watt، المعطى لها، وحدة قياس تمادي وتوسع الضربات الإسرائيلية، وإمكانية تحولها الى جولة ثانية من حرب مفتوحة.