IMLebanon

اتصالات عاجلة للجم التحركات في الشارع

لم يكن ينقص المشهد السياسي المسرحية الهزلية التي شههدتها ساحة النجمة وتحميل نواب الكتائب الاربع مسؤولية تطيير السلسلة، لاكتشاف مدى الازمة السياسية وارتباط الملفات ببعضها البعض، ما عزز قناعة المتابعين بتعثر طريق قانون الانتخابات «بيت قصيد» الازمات لما يعول عليه العهد من آمال في عملية تكوين السلطة الجديدة، على خطين مزدوجين، الاول اعطاء الحقوق ولو جزئيا لمستحقيها اقتصاديا ومعيشيا، والثاني اعادة الحقوق السياسية للمسيحيين.

مصادر متابعة لما جرى خلال الساعات الماضية  ان ثمة من اتخذ القرار بتحريك الشارع تحت عدة عناوين، مستفيدا من بعض الاعتراضات كما حصل في مرات سابقة، لافتة الى ان التقارير الامنية التي رفعت الى الجهات المعنية حذرت من حملات تجييش مذهبي وشد للعصب الطائفي في بعض المناطق الحساسة، وهو ما دفع بالقوى الامنية الى اتخاذ سلسلة تدابير منها العلني ومنها غير المرئي تحسبا لاي مستجدات، معتبرة انه يراد للسلسلة على ما يبدو ان تكون «قميص عثمان» لحالة «فلتان منظم»، لا احد يعلم اين ستكون نهايته او نتائجه، في موازاة حركة اتصالات ناشطة بين المقرات  لاحتواء وتطويق ما جرى في الشارع من تداعيات قبل ان تتفاقم الامور، خصوصا ان ما ثمة اكثر من قطبة مخفية في ما جرى امس في ساحة النجمة، ليس ابسطها سرعة تحضير البيان «الرئاسي» واعلانه على ما اعلن النائب سامي الجميل، فضلا عن ان ما وزع عمليا هو حقيقي اذ ان الضريبة على القيمة المضافة ستصيب وتؤثر على الحياة اليومية للمواطنين، فيما اعفت الدولة اصحاب الارباح ما دون الـ 150 مليون ليرة من دفعها، مع الاشارة الى ان غالبية المؤسسات لا تصرح باكثر من 110 الى 135 مليون ،ما يجعلها تراكم الارباح الخيالية.

وتابعت المصادر بأن عملية توزيع الادوار الممنهج الذي شهدته جلسة الاربعاء النيابية، وتراشق الاتهامات بالتعطيل والاستغلال السياسي والانتخابي، انكشفت للعيان خصوصا ان درس السلسلة وتمويلها ليس وليد اليوم، انما يعود لأكثر من اربع سنوات سابقة عبر اللجان المشتركة او الفرعية، معتبرة ان النائب سامي الجميل مارس دور المعارضة الحقيقية تحت سقف البرلمان وفقا لسياسة حزبه، والتي بالتأكيد ليست المسؤولة عن الصفعة القوية والقاسية التي تلقاها العهد والتي لن تنفع معها كل محاولات التبرير.

وفي هذا الاطار تحذر مصادر الوطني الحر من المحاولات المتكررة لضرب مسيرة العهد، وليس آخرها ما شهدته ساحة النجمة، حيث يحاول البعض «دق اسفين» بين بعبدا وقاعدتها الوطنية العريضة، كاشفة ان رئيس الجمهورية سيتوجه الى الشعب اللبناني مباشرة في غضون ايام ليصارحه كما عادته في اسباب رفضه توقيع مراسيم دعوة الهيئات الناخبة ، تاركا للبنانيين تحديد المسؤولين ومحاسبتهم، مشيرة الى ان الحملة والهجمة التي يتعرض لها التيار ورئيسه غير مبررة وغير مفهومة، داعية المعترضين الى الافصاح صراحة عن رفضهم لوجود شريك مسيحي قوي واصرارهم على ابقاء مفاعيل زمن الوصاية الذي همش المسيحيين عبر اعطاء بعض الزعامات وفي مقدمتها وليد جنبلاط اكبر من حجمه، والغاء التمثيل الفعلي لممثلي المسيحيين عبر اقصاء قياداتهم نفيا او سجنا.

وتتابع المصادر بأن وزير الخارجية وضع الاطراف مسبقا في اجواء مبادرته وناقشها في الحلقات المغلقة وادخل عليها الكثير من التعديلات، الى ان توصل الى الصيغة الافضل والتي تعطي الجميع حقوقهم، مسيحيا فهي تسمح للمسيحيين بانتخاب 58 نائبا من اصل 64 باصواتهم، كما انها تعطي النائب جنبلاط ما كان سبق وطالب به من ضم لقضائي عاليه والشوف، فيما تريح الاكثرية السنية، ويفترض انها لا تثير حساسية الثنائي الشيعي، كاشفة ان التيار الوطني الحر تقدم باقتراحه رسميا ومكتوبا الى القوى والكتل السياسية، مطالبا برد مكتوب ومعلل لاسباب الرفض والقبول او التحفظ،رافضة تحجج الاطراف الاسلامية ببعض الاعتراض المسيحي، مذكرة بأن الاقطاب الاربعة اتفقوا في بكركي فيما خص قانون الانتخابات على تراتبية القوانين التي تؤمن استعادة الحقوق، فكان الاورثوذكسي اولا الا ان الثنائي الشيعي اسقطه، وحل ثانيا النسبي وفقا للدوائر الوسطى الا ان تحالف المستقبل-الاشتراكي اسقطه، متسائلة عن الاسباب الفعلية وراء ذلك والاهداف المبيتة.

المصادر التي وصفت ما يجري «بالعقم والخبث» في التعاطي مع الطرف المسيحي غمزت من قناة الاشتراكي داعية التيار الازرق الى عدم الرهان على التحالف مع المختارة مذكرة بنصب الاخيرة لفخ الخامس من ايار الذي اوصل الى ما اوصل اليه في السابع من ايار، وما حصل بعيد انتخابات 2009 من تكويعة، معتبرة ان طرح الوزير باسيل محق لجهة مسألة رئاسة مجلس الشيوخ انطلاقا من المناصفة التي تفرض وجود مسيحي على رأسه، علما ان المسألة لا تزال بعيدة اذ أن انشاء المجلس ووفقا للدستور الذي يعتبر البعض ان الاقتراح البرتقالي يخالفه، ينص على قيام مجلس شيوخ بعد اول انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي، من هنا فان زوبعة الاشتراكي لا قيمة لها.

في المقابل حذرت مصادر مقربة من الحزب الاشتراكي من المسار الذي يسلكه الثنائي المسيحي، معبرة ان العهد ينفذ انقلابا ابيض على اتفاق الطائف الذي طالما جاهر برفضه في عملية «نفض يده» من الاتفاق في الطائف على هوية رئيس مجلس الشيوخ، معتبرة ان المادة 44 من قانون الانتخابات تلزم رئيس الجمهورية على توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وفي حال عدم قيامه بذلك على المجلس النيابي المبادرة الى اتخاذ الموقف المناسب والتمديد لنفسه قبل 21 حزيران، لاسقاط محاولات الغاء دور المؤسسات وحصرها في سلطة واحدة، لتكريس امر واقع جديد وفقا لتوازنات السلطة التنفيذية العقيمة.

سواء ولدت حية ام ميتة، يشير مسار الاحداث والتطورات الى خلاصتان اساسيتان، الاولى، لا لأي قانون جديد يعيد المسيحيين الى السلطة بقوة، والثاني، الامعان في سياسة تقاسم الحقوق المسيحية بين الاطراف دون استثناء والهيمنة على قرارهم. فهل يرضخ المسيحيون بعدما اثبتت التجربة نجاحهم في لحظة معينة في قلب الطاولة وايصال رئيس قوي الى بعبدا؟ ام صحيح الحديث عن صفقة «على قاعدة اشتدي ازمة تنفرجي» شكل سقوط المشروع الباسيلي الثالث اولى حلقاتها؟