IMLebanon

تخوف أميركي من نتائج «العقاب» السعودي؟

عن بري.. وإنجاز الاستحقاق الرئاسي قريباً

تخوف أميركي من نتائج «العقاب» السعودي؟

على مسافة أيام من جلسة «2 آذار» لانتخاب رئيس للجمهورية، والمحسوم فشل انعقادها سلفاً، فجّر الرئيس نبيه بري قنبلة على الخط الرئاسي بقوله: «أصبحنا أقرب من أي وقت مضى، من إنجاز الاستحقاق الرئاسي على قاعدة التوافق الوطني كالعادة، لا غالب ولا مغلوب».

سقطت قنبلة بري على واقع معقد، بمضمون نوعي وإيجابي، يعاكس الانقسام الداخلي الحاد، والمقفل رئاسياً وميثاقياً وترشيحاً، والذي ما زال يفرض انقطاعا كليا لكل الطرقات المؤدية الى البرلمان.

كان بري، يتحدث بثقة حول الاقتراب من إنجاز الاستحقاق. وتبعا لذلك هو يدرك أن الرصد السياسي سيتركز على عين التينة، وأنه سيُطارَد بأسئلة من جهات متعددة، عما استجد وجعله يتفاءل وينطق بهذه الايجابية الرئاسية، وما هي معطياته، وما هو حجمها، وما هي قوتها المحلية والاقليمية والدولية، وعلى أية «كلمة سر» ينام؟

وحده بري يملك الأجوبة على كل تلك الاسئلة، لكن طريقة إدارته لملفاته وقضاياه، تؤكد انه يستعين على قضاء حوائجه بالسرية والكتمان. وتبعا لذلك، قد لا يتوفر بسهولة، ولو جزء بسيط جدا من هذا الجواب، لأنه بحسب المقولة الدائمة لبري «كل أوانٍ لا يستحي من أوانه.. والجواب يخبر عن نفسه عندما يحين موعد تظهيره».

الداخل مربك، لم يلتق على مقاربة واحدة لقنبلة بري، بل جاءت متناقضة:

– هناك من يشكك ويقول ان بري بالغ في تفاؤله، فالجو الرئاسي ما زال شديد التعقيد، ولا مؤشرات حول اتمامه قبل سنة.

– هناك، في المقابل، من يأخذ كلام بري بمنتهى الجدية، وتحكمه القناعة بأن شخصية مثل بري، ما كانت لتقول ما قالته، لو لم تكن تقف على أرض صلبة و «مالي ايدو» بمعطياته، وهذا يعني ان لكلام بري تتمته في الآتي من الأيام.

– وهناك من يلاحظ أن إيجابية بري، المقرونة بالتأكيد على استمرار الحوار بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، جاءت متزامنة مع الاجراءات العقابية السعودية ضد لبنان وما رافقها من تصعيد سياسي وتوتر وشحن غير سياسي وقلق في أكثر من منطقة. هناك من يقول إن بري كان قلقاً من انفلات الامور الى ما لا تحمد عقباه.

اصحاب هذا الرأي قاربوا ايجابية بري، كفرصة تستبطن، من جهة، محاولة زرع الامل من جديد في الداخل اللبناني، ولاسيما على الطريق الرئاسي المقفل بالتعقيدات والخلافات، وتوجيه رسالة الى «المتناحرين» خلاصتها: «لا تستعجلوا الخلاف.. الحل صار قريبا جدا». ومن جهة أخرى، محاولة إطفاء مسبق لنار صارت على وشك الاشتعال في ظل التوترات السياسية التي أججتها الإجراءات السعودية العقابية ضد لبنان والمزايدات الفاقعة، والمبالغة في تقديم الطاعة والولاء للمملكة.

هنا يحضر السؤال التالي: هل يمكن أن تشتعل النار الداخلية، وأي سقف ستبلغه الاجراءات السعودية ضد لبنان؟

يرى احد المسؤولين ان القلق مبرر، خاصة أن «اشتعال النار ليس بالامر السهل». ويلاحظ أن ضجيج الاجراءات السعودية ضد لبنان قد خفّ، ولا اعتذار لبنانيا، وتوقف الزحف نحو السفارة. ولكن مع ذلك، الاحتياط ينبغي ان يكون واجبا في جو داخلي محتقن ومفتوح.

اللافت للانتباه في هذا السياق، ان الوضع اللبناني، ربطا بالمستجدات العقابية السعودية، كان محل متابعة من ديبلوماسية الدول الكبرى. يقول سفير دولة معنية جدا بالموضوع السوري: الوضع اللبناني مزعج، ولكنه ليس مقلقاً، والاجراءات السعودية ضد لبنان تعبير انفعالي عن سقوط في ساحات عديدة، لا نعتقد أنها ستتواصل، خاصة أنها لا تساهم في تعزيز استقرار هذا البلد، ولا نعتقد أنها تستطيع أن تلوي ذراع «حزب الله»، كما يريد السعوديون.

والأهم ما كشفه ديبلوماسي أميركي رفيع المستوى عن نصائح أسديت في الساعات الاخيرة لمستويات لبنانية رفيعة رسمية وسياسية وغير سياسية، بضرورة تنفيس التوتر وتجنيب لبنان ما من شأنه أن يهدد استقراره السياسي والامني. ونقل عن الديبلوماسي الاميركي قوله لأحد كبار رجال المال والاقتصاد في لبنان، بعدما عمد الأخير إلى تحميل «حزب الله» مسؤولية الانهيار الحاصل والاجراءات العقابية السعودية: «لقد اتصلنا بالسعوديين، وقلنا لهم ما يجب أن نقوله، ونصحناهم. وأنا شخصيا، لم استطع ان أفهم الاجراءات السعودية ضد لبنان، ولم ارَ، حتى الآن، أي مبرر لها؟».

في معرض كلامه، تحدث الديبلوماسي الاميركي عن مسؤوليتين أميركيتين في لبنان: الاولى الحفاظ على الحكومة اللبنانية كما هي، لأن استقالتها أو سقوطها لأي سبب سيحدث إرباكاً خطيراً، قد يلقي بظلاله على الاستقرار الامني. والثانية الحفاظ على الاستقرار في البلد، لأن أي مس بهذا الاستقرار، سيعني أمرين خطيرين: إطلاق يد «حزب الله» في لبنان امنيا وسياسيا وفتح باب النزوح السوري إلى الغرب وأوروبا على مصراعيه.