IMLebanon

اهتزاز العلاقات بين «التيار» و«القوات» هل يطال الحكومة؟  

 

عزز بعض التطورات الاخيرة حجم الاهتزاز الذي يتعرض له المشهد الداخلي اللبناني، مظهراً الى العلن التباينات، بل الاختلافات العميقة، بين أكثر من فريق داخل «حكومة استعادة الثقة» التي يرأسها الرئيس سعد الحريري، وكانت ثمرة «الوفاق الوطني» الذي أوصل العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة الأولى..
يجهد غير مرجع، في ضبط الامور تحت سقف معين.. خصوصاً وأن حسابات البعض وتطلعاتهم الى مرحلة ما قبل وما بعد الانتخابات النيابية الموعودة في ايار المقبل، تجاوزت ما كان منتظراً، خصوصاً على مستوى العلاقات بين «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية»..
لقد بات واضحاً ما فيه الكفاية، ان «القوات» كما «التيار»، بدءاً مرحلة جديدة، تجاوزت، بحدود او بأخرى، مقولة «أوعى خيك»، وعندما يسأل قيادي في «القوات» عن حقيقة العلاقة مع «التيار» يكون الجواب: «هي بخير وليست بخير..»؟! والفريقان شريكان في الحكومة وفي «القرار» (مبدئياً) مع تسجيل جملة اعتراضات وتحفظات، وهي (أي الحكومة) مركبة على أجنحة عدة، والمساحة المشتركة المتفق عليها هي البيان الوزاري، الذي وعندما يتم الخروج عنه تشتعل المنابر بعض الشيء..
لا يتردد قياديو «القوات» في تقديم جردة حساب بالنقاط المختلف عليها مع «التيار»، ومن أبرزها التحالف القائم بين «التيار» و»حزب الله» والعلاقة مع سوريا وزيارة وزراء لسوريا… واداء «التيار» داخل السلطة والحكومة ونزعته الى «الاستفراد بالتعيينات» ووضع العصي في دواليب المطالب القواتية، كما والطاقة والكهرباء وغير ذلك من ملفات.. فالمشكلة مع «التيار» هي في أسلوب مقاربة الحكم..» على ما يقول وزير الاعلام ملحم الرياشي، الذي يرى ان التفاصيل السلبية كثيرة.. حيث يوجد خلاف في الموقف بين «التيار» و«القوات» حولها، وهي تؤثر كثيراً على التفاهم وسلباً على العلاقة بينهما..» كما ويذهب البعض الى ان ذلك قد يؤدي، في لحظة ما، الى استقالة وزراء «القوات» من الحكومة..
يقر قياديون في «القوات» ان «الدولة في لبنان ليست مثل سويسرا.. ولدينا الكثير من النواقص.. وتغيير الطبقة السياسية هي مسؤولية المواطن الذي عليه ان يتحمل مسؤولية تغيير الطبقة السياسية الفاسدة، وعليه ان يضع قناعته في صندوق الاقتراع..»؟!
عند كل مناسبة يقدم «القواتيون» جردة «بالخلافات والاختلافات في وجهات النظر مع «التيار الوطني الحر»، من أبرزها تعيين قائد للجيش (وذلك على رغم اعتراف البعض منهم بأنه كان على علم بذلك).. كما وسائر التعيينات التي كان لـ»القوات» نصيب منها، وبالتحديد الديبلوماسية منها.. أما مسألة تلفزيون لبنان.. و»المجلس الوطني للاعلام» و»الوكالة الوطنية» فهي في حوزة مجلس الوزراء.. ناهيك بمسألة النازحين السوريين وتشدد «القوات» في رفض التفاوض مع النظام السوري و»نحن لن نعطي شرعية لهذا النظام..»؟!
العلاقات بين «القوات» و»التيار» الى مزيد من التعقيد والى مزيد من السلبية.. ومقاربة الفريقين في طريقة ادارة الحكم مختلفة، ولا تحصر قيادات «القوات» ذلك بـ»التيار» وحده.. خصوصاً وأن رئيس الجمهورية جاء نتيجة المصالحة بين «التيار» و«القوات» ونتيجة شراكة حقيقية بين المسيحيين والمسلحين، وهو انجاز «أعاد التوازن الطبيعي لهذه الشراكة، ونحن اليوم ندفع جزءاً من ثمنها في لعبة السلطة..» على ما تقول قيادات «القوات» التي تصر على وجوب ان يكون هناك دور للمسيحيين في الدولة.. والمسيحيون مع دولة هم أقوياء وقوتهم من قوتها..
يصوب «القواتيون» على الاستحقاق الانتخابي، شأنهم في هذا شأن سائر القوى السياسية. . ولا يبدو في المعطيات المتداولة ان هناك خطوطاً حمراء.. وهم في العديد من المواقف يرمون كرة المسؤولية في مرمى الرئيس العماد ميشال عون، الذي يحملونه، والرئيس الحريري مسؤولية وضع «ملفات القوات» جانباً، على الرغم من ان «الوضع لا يحتمل مزيداً من التأخير.. خصوصاً وأن الحكومة مؤلفة من مكونات عدة، فيها جوامع مشتركة يعمل على أساسها «الموتور» الحكومي، في وقت لا «يدور» حيث يتجه «القوات»؟! الأمر الذي اثار أكثر من سؤال حول جدية احتمال استقالة وزراء «القوات» من الحكومة؟؟ وذلك على الرغم من اتهام قيادات «قواتية» قيادات أخرى بـ»المغالاة» عند الحديث عن وجود صراع حقيقي داخل الحكومة.. وقد تعزز هذا الاحتمال باعلان الدكتور جعجع من اوستراليا أمس ان استقالة وزراء القوات واردة..» على رغم تأكيده على ان «وجودنا ضرورة لقيام الدولة القوية..»؟!
هناك من يعتقد ان المرحلة الحالية لا تحتمل تطيير الحكومة وتحويلها الى حكومة «تصريف أعمال».. خصوصاً وأن لا ضمانات كافية بأن الرئيس سعد الحريري سياسي «القوات» على حساب علاقته مع الرئيس ميشال عون، كما ومع الرئيس نبيه بري، وقد أعلن وزير الداخلية والبلديات  نهاد المشنوق، ان «مواقف الرئيس عون تطورت بشكل كبير الى مزيد من الانفتاح على كل الافرقاء.. وهو حريص كل الحرص على التوافق السياسي ويلتزم الدستور والقوانين، ولولا دعمه لما أنجز الكثير من الملفات التي عرضت على مجلس الوزراء..».
لا يتردد عديدون من مكونات الحكومة في التأكيد على ان الحكومة مستمرة على رغم كل الحملات التي تعرضت وتتعرض لها، وعلى الجميع ان يأخذوا بعين الاعتبار المساحات الوطنية المشتركة التي يلتقي عندها الجميع وتبقى صمام أمان للبلد في ظل ظروف اقليمية – دولية بالغة الخطورة والتعقيد.. وان من يريد الاستثمار في السياسة من أجل الانتخابات فالطريق الى ذلك لا تكون بتدمير الهيكل على رؤوس اللبنانيين الذين عانوا الأمرين من سلوكيات عديدين في الحروب الأهلية التي يدافع عنها البعض..» فالتغيير لا يكون في «النق» بل في ترك حرية الخيار للبنانيين.. فليس صحيحاً ان الوضع ميؤوس منه..»؟!