IMLebanon

الخازن لـ “الديار” نقل عن بري الحرص على روح المشاركة والمناصفة: لولا حكمة العقلاء لكانت بوسطة عين الرمانة تكرّرت 

 

 

يقرأ الوزير السابق وعميد المجلس العام الماروني وديع الخازن في تطوّرات الردّ الإيراني على استهداف القنصلية الايرانية في دمشق “تفاقماً للأخطار المحدقة بلبنان”، مؤيّداً “موقف الوزير السابق وليد جنبلاط في دعوته للحوار أياً كانت العوائق التي تفصل أو الحواجز التي تعلو”، واكد لـ”الديار” أنّ “التسوية تأتي فوق كلّ إعتبار، والتي تستدعي مبادرات مبنية على تفاهمات داخلية وخارجية، منطلقها الأساسي حماية البلد مما يتهدّده من أخطار وجودية”.

 

وعن لقائه الأخير مع الرئيس نبيه بري، يكشف أن “رئيس المجلس أكد لي أن لبنان في حالة إعياء شديد على كافة المستويات، لا سيما الاقتصادية والمعيشية التي بلغت حدّ الجوع والكفر، ولا يجوز أن ننتظر حل مشاكل الشرق الأوسط قبل مشكلاتنا الداخلية، والحل بأيدينا إذا شئنا”. وتابع “كان تشديد على أن لبنان لا يعيش ولا يستقيم إلا بالشركة، لأن الأولوية الآن هي كيفية الوصول إلى وقف الإنهيارات ولملمة الجراح، وقد أبدى الرئيس بري حرصه على روحية المشاركة الحقيقية كما نصّ عليها اتفاق الطائف، والمناصفة العادلة بين المسيحيين والمسلمين”.

 

ويرى “إن لبنان بحاجة ماسّة إلى تسويتين سياسيتين: الأولى وطنية لإنهاء الشغور في المؤسسات الدستورية وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، والثانية إقليمية لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان وتقضي بتنفيذ القرار 1701 والعودة إلى اتفاق الهدنة، كما قال جنبلاط”.

 

ويستذكر الحرب اللبنانية التي انطلقت شرارتها في 13 نيسان 1975، ويعتبر، “أنها كانت ذات أبعاد إقليمية واضحة المعالم، مما سمح بتوسّعها ضمن حروب متقاطعة أتت بمجموعها على جسد الدولة، فانهار المجتمع اللبناني بعد سنوات طويلة من الموت البطيء والإحباط والهمجية وغياب الدولة التدريجي، وما بين 13 نيسان 1975 و13 نيسان 2024 تبدّلت الوجوه والمعادلات والتسويات، ونَمَت أحزاب وقيادات جديدة، وتكاثرت المعطيات المانعة لقيام الدولة، وبقي لبنان في نفق دموي لا أفق له ولا قرار، وما أشبه اغتيال جوزف أبو عاصي في 13 نيسان 1975 باغتيال منسِّق حزب “القوات اللبنانية” في جبيل باسكال سليمان في 7 نيسان 2024، بحيث كدنا نقع في الفخ نفسه، ولولا العناية الإلهية وحكمة العقلاء من المرجعيات الروحية، وفي مقدمتهم البطريرك بشارة الراعي وبعض الشخصيات السياسية والحزبية، لكانت بوسطة عين الرمانة تكرّرت بعد 49 عاماً في جبيل”.

 

وعما بقي من الدولة اللبنانية، يلفت إلى أنه “في الأول من أيلول 2020، طوى لبنان مئة عام على تأسيسه ككيان سيد حر ومستقل، وذلك وسط غرق الدولة في مستنقع الخلافات السياسية والانهيارات الاقتصادية والمالية، فأتى قرار حكومة الرئيس حسان دياب بتعليق دفع سندات اليوروبوند ليزيده غرقاً، بحيث انضم لبنان بذلك إلى نادي الدول المتعثرة، ودخل في عزلة دولية غير مسبوقة، إلا أن ما زاد في حدة الإنهيارات كان انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020، الذي حوّل بيروت من عاصمة مشعّة، إلى مدينة أشباح أشبه بالقبور المكلّسة، وها نحن اليوم نعيش في دولة تسير متعثّرة بالملفات المالية والقضائية والديبلوماسية، ومتأثرة بتداعيات الأحداث الإقليمية وسط فراغ قاتل في سدة الرئاسة، وذلك دون أمل بانفراجات سياسية تلوح في الأفق”.

 

ويضيف أنه “لم يعد خافياً على أحد في الداخل كما في الخارج، أن أعداء لبنان كثر ويتربّصون به شراً مطلقاً، وأن الفساد المستشري في لبنان هو علة العلل، لا بل هو مرض عضال ينهش في جسد الدولة، ويعالج بالمسكّنات، فيما اللبنانيون عالقون في شباك أزمات مالية واجتماعية خانقة، ويعيشون في غابة موحشة تسودها شريعة التخلّف والإجرام والموت البطيء، وذلك وسط نزوح سوري غير منظّم، يهدد الأمن الداخلي والسلم الأهلي والوحدة الوطنية”، ويعتبر أنه “بعد طي ثلاثة عقود على انتهاء الحرب بفعل اتفاق الطائف، لم يبقَ في لبنان مكان للفرح، في وقت تتعاظم فيه العدائية الإسرائيلية ضد لبنان واللبنانيين”.

 

وهل نحن نعيش حرب الآخرين على أرضنا؟ يقول أنه “مهما قيل عن حروب الآخرين على أرضنا، كما وصفها الراحل الكبير غسان تويني بدقة، إلا أن مناعة العقل والذاكرة تحيي فينا الأمل بتفادي تجرّع كأسها السامة والقاتلة من جديد، وألا نكون كمن يحاول الإنتحار الجماعي الذي نجونا منه بعدما كلفنا أكثر من مئة وخمسين ألف شهيد ونحو مليون مهجّر ومهاجر”.

 

ad

 

وحول الملف الرئاسي المتعثّر، يلفت الخازن إلى أن “الانقسام السياسي داخل مجلس النواب يحول دون انتخاب رئيس للجمهورية، ويُبقي البلاد في نفق الشغور الرئاسي والشلل في المؤسسات الدستورية، لذا، آن الأوان لصحوة ضمير تفتح كوّة في جدار التعطيل عبر حوار ينعش الوحدة الوطنية، ويستعجل انتخاب الرئيس العتيد، ويعيد قطار المؤسّسات الدستورية إلى سكته الصحيحة، ويرسم بالتالي خريطة طريق لعهد جديد يرمّم ما تهدم بين اللبنانيين، لذا من الأحرى بنا أن نتعاون ونتعاضد لأن لبنان لا يحمى إلا بالتفاف الجميع حول دولتهم، وليس في كنف طوائفهم، ولنأخذ العبرة من التاريخ لأنه خير شاهد على المآسي التي مررنا بها”.