IMLebanon

التريث إلتقاط أنفاس للإنطلاق بمرحلة ما بعد 4 تشرين الثاني 

 

المشهد أمام بيت الوسط، منزل الرئيس سعد الحريري، يوحي بالكثير حتى من دون أن تُقال أيّة كلمة:

أكثر من ثلاثين ألفاً من مناصري الزعيم الشاب ملأوا الطرقات، على رغم ضيقها في تلك المحلة، وهتفوا بحياته وأعلنوا ولاءهم له…

ردَّ عليهم بدمعة، ثم بكلمة، ثم بمخاطرة، حيث نزل متجولاً بين عشرات الآلاف المحتشدة.

بسرعة قياسية تغيَّر المشهد:

من إحباط وضياع وخوف من الغد والمجهول إلى تصميم وعزم واستعادة للثقة بالنفس بسرعة قياسية، ولكن بعد العاطفة، ماذا في السياسة؟

بدايةً يجب الإعتراف بأننا في الشرق حيث تختلط المشاعر العاطفية بالحسابات السياسية، فليس كل شيء في الشرق خططاً سياسيةً وحسابات هندسية بل قِيَم، وحين نتحدث عن قِيَم فإننا نتحدث عن وفاء والتزام ومبادئ ورد الجميل. بهذا المعنى، وبسهولة يمكن القول:

إنَّ كاسحة الألغام التي سهَّلت عودة الرئيس الحريري ليست الحسابات السياسية فحسب، بل هي باقة الوفاء والمبادئ والصدق، هذه الخلطة السحرية هي التي تنقذ الرجل في كل مرة، وعلى الهامش، كم من مرة كتبنا في هذه الزاوية إنكم لا تعرفون هذا الرجل؟

الذين نزلوا للترحيب بالرئيس سعد الحريري ليست لديهم حسابات سياسية وخطط استراتيجية، بل مبادلة الوفاء بالوفاء والصدق وبالصدق والإلتزام بالإلتزام. أما كيف ستكون المفاعيل فأيار الإنتخابات النيابية لناظره قريب. وليس من باب الصدفة أنَّ الرئيس الحريري وعد المحتشدين بأنه سيزورهم في الشمال والبقاع والجنوب والجبل، ما يعني أنَّ الإنتخابات بدأت عملياً منذ 22 تشرين الثاني 2017 وليس في 22 أيار 2018.

ماذا عن الحكومة وعن السياسة؟

ومن هنا إلى أين؟

في العمل الحكومي وتسيير شؤون الناس، كان لافتاً أنَّ الرئيس الحريري تحدث عن الكثير من القرارات التي تحتاج إلى توقيع، ما يعني أنَّه سيحرك العمل الحكومي بدءاً من توقيع هذه القرارات، لكن انطلاق العمل الحكومي الصحيح يكون من خلال البتِّ بالوضع الحكومي، فماذا بعد التريث في تقديم الإستقالة؟

هل يكون المسار بوضع حدٍّ للتريث، من خلال الإستقالة أو من خلال العودة عنها؟

وبتعبير آخر:

هل هو عدول عن الإستقالة أم تأجيل تقديمها؟

الجواب عن هذا السؤال يفترض ألا يطول، خصوصاً أنَّه مرتبط بتطورات دولية، فلا يُعقَل أن ينفجر لبنان في وقت تبدو فيه المنطقة ذاهبة إلى تسوية، ومن مؤشراتها:

الرئيس بشار الأسد التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عشية قمة الأخير مع رئيسي تركيا وإيران. لم تحدث هذه القمم المتسارعة لو لم تكن هناك ملامح تسوية، ومؤشرات التسوية تُسهِّل على الأطراف اللبنانيين إجراء تسوية في ما بينهم تقوم على ثلاثية:

النأي بالنفس، احترام العلاقات العربية – العربية، عدم التدخل في صراعات المنطقة.

إذا استطاع القيِّمون على البلد التوصل إلى هذه النتيجة، فإنَّ البلد يكون فعلاً قد دخل في مرحلة جديدة.