IMLebanon

وليد عيدو.. شهيد قضية لا تموت

«لن أترك البلد وأرحل، لا لن أتركه لبشار الأسد وجماعته. أنا باق هنا ويَلّي بَدو يصير يصير». كلام كان يُصر النائب الشهيد وليد عيدو على قوله قبل فترة من إغتياله، أمام كل من كان يلتقيه ويُحذره من خطورة بقائه في لبنان، عقب المواقف التصعيدية التي كان اتخذها منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري حتى يوم اغتياله في الثالث عشر من حزيران العام 2007 من خلال تفجير سيارته ما أدى إلى إستشهاده ومعه نجله الأكبر خالد.

خلال جلسة معه قبل استشهاده بفترة وجيزة، توجه عيدو إلى الحاضرين بالقول: لقد سقط حاجز الخوف وانكسر القيد الذي لفّنا لعقود من الزمن، لكن هذا الامر كانت له إرتدادات كبيرة علينا لدرجة أننا أصبحنا في قوى الرابع عشر من آذار، كأننا امام مشهد سوريالي ننظر فيه بعضنا إلى بعض غير مصدقين بأننا ما زلنا احياء أو كأنها المرّة الأخيرة التي قد نلتقي فيها. نسأل بعضنا ضمناً في كل مرة نلتقي فيها، على من سيَقع الدور هذه المرّة؟.

حزيران 2007 كان موعد النائب وليد عيدو هذه المرّة مع الإغتيال بعدما حجز لنفسه مكاناً بين شهداء سبقوه. لم يُهادن في حياته ولم يُفاوض القاتل، ظل على موقفه القائل: «النظام السوري مجرم وقاتل ولا بد من يوم تقتص العدالة منه». خوّنوه وشنّوا حملات تشويه وافتراءات بحقه، وصلت في بعض جوانبها الى حد تخوينه، يومها وصلت الرسالة الى الشهيد، ومع هذا ظلّ يجاهر في مواقفه ويُعلنها على المنابر وتحت قبّة البرلمان. مارس حياته بشكل طبيعي وهادئ إلى أن اختاره نظام الظلم هدفاً له، فأسقطه مع نجله على باب بحر بيروت، المدينة التي عشقها فسكنته حتى الرمق الاخير. هي عبوة تأتي في إطار الحرب التي فُتحت يومها على اللبنانيين واستمرت منذ محاولة اغتيال الوزير مروان حماده وما تلاها من اغتيالات وصولا الى الشهيد الوزير محمد شطح.

خوف الظالمين من عدالة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، جعلهم يستكملون عمليات الإغتيال، كذلك هو خوف الظالمين من انتصار الوطن ولمنع انتخاب رئيس للجمهورية في حينه. هم فئة يُمثلون أكثر من نصف اللبنانيين لاحقهم الموت من مكان إلى آخر في وقت كانت تسرح فيه فئة أخرى وتمرح مع شبيحتها وتحتل الأحياء وتزرع الرعب في كل مكان. هذه المفارقة جعلت نائباً سيادياً يتساءل يوم اغتيال عيدو: وزراء ونواب وشخصيّات من حزب محدد، يتجولون بحرية على كامل مساحة الوطن من دون خشية وأحياناً بالقرب من الشريط الحدودي مع اسرائيل، بينما نحن الذين يتهموننا بأننا عملاء ومأجورون، نُقتل في كل يوم من دون حسيب أو رقيب. ألا يدعو هذا الامر إلى التساؤل والإستغراب؟».

«شهيد العدالة»، عبارة تستقبل الداخلين بعد تسع سنوات على الإغتيال منزل الشهيد في منطقة فردان، صورته العملاقة التي تجمعه مع نجله الكبير المحامي الشهيد خالد تؤكد أنه الغائب الحاضر على الدوام. بالأمس لم يكن غائباً عن منزله كما انه لم يغب يوماً. حتى اليوم ترفض دموع الزوجة ام خالد أن تُفارق مقلتيها. «وليد لم يتركنا يوماً، هو حاضر بيننا على الرغم من أنني كنت قد مررت بظروف صعبة قبل إستشهاده لأنني كنت أشعر بأنه سيتعرض لمكروه وكذلك الامر بالنسبة الينا فكنا نتساءل اين وكيف سيتم الإغتيال. ما كسر ظهرنا اكثر هو خالد الذي لا ذنب له، فقد كان يكره السياسة رغم تعلّقه الشديد بوالده ويهتم بكل شاردة ووارده تتعلق فيه. عدالة السماء آتية لا محالة».

صديق وليد عيدو وزميله في كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري يقول: «وليد لم يغب عن القضية التي ما زلنا نحملها منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري. وليد سيبقى في ذاكرة كل الاستقلاليين وصوته سيظل يصدح في ساحة الحرية التي كان جزءاً من ناسها ومن صانعيها، وهو سيبقى صنواً للحرية والسيادة والاستقلال. لقد استمر رغم غيابه بين اللبنانيين من خلال مواقفه، وفي كلماته وإصراره على الحق ومواجهة المخاطر ولم يكن يخشى أو يخاف شيئاً طالما أنه يعبر عن قناعته وإيمانه بالوطن والحرية».

ويتابع: «قد يكون الإغتيال أخذ منا صديقاً نحبه ولكن كل الوقت نعتبر أن وليد هو بيننا ومعنا، ومنذ اللحظة الأولى لاغتيال الرئيس الشهيد كان دورنا كنواب واستقلاليين لبنانيين هو رفع شعار الحقيقة للوصول إلى معرفة من خطط ونفذ عملية الاغتيال وما تلاها من تفجيرات، وعنوان العدالة والحقيقة استمر مع كل الشهداء الذين سقطوا من أجل لبنان ووليد منهم. لذلك نؤكد أن إيماننا بالعدالة لن يتزعزع، والحقيقة ظهرت وسوف تُكمل طريقها، وسنكون فخورين وقادرين على رفع رأسنا أمام رفاقنا الشهداء بأننا أوصلنا حقّهم».

من الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وصولاً إلى الوزير الشهيد محمد شطح. كوكبة من الشهداء كانوا في كل يوم يخرجون من بيوتهم، يولّون وجوههم شطر الله متضرّعين اليه طالبين حماية فقدوها على أرض غابت عنها عدالتها فاستعاضوا عنها بعدالة سماء آمنوا بها فرفعتهم اليها شهداء أحياء عند ربهم يرزقون.