IMLebanon

جنبلاط و«الاعتدال» يسحبان البساط من تحت «بوانتاج» عين التينة

 

إعلان الرئيس نبيه بري عن بدء «بوانتاجه الرئاسي» لانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية كان أشبه باللحظة الصفر لتحرك الفريق الآخر. فجأة، من دون سابق إنذار، غادر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مربّع الانتظار المتمثّل بميشال معوض، وأعلن أن مرشح اللقاء الديمقراطي الأساسي هو قائد الجيش جوزف عون. وفيما كان بري يتوقّع أن يبدأ «بوانتاجه» من كتلة اللقاء الديمقراطي (8 نواب مع النائب غسان سكاف)، أبلغ جنبلاط صديقه أنه يتوقع من الأخير أن يسير خلفه هذه المرة لتجاوز معادلة فرنجية – معوض إلى «مرشح وسط» كجوزف عون، أو جهاد أزعور، ابن شقيقة صديقهما المشترك النائب الراحل جان عبيد. عندها، أيقن رئيس المجلس أن البدء بالـ«بوانتاج» من كتلة اللقاء الديمقراطي غير متيسّر.

 

وبالسرعة نفسها، أعلن النائب عن المقعد السني في طرابلس إيهاب مطر من أستراليا أن «مواصفات الرئيس الذي يحتاج إليه البلد تنطبق على قائد الجيش». فيما كان عضو «تكتل الاعتدال الوطني» أحمد الخير يدحض ما يشاع عن «مَوْنة حريرية» على نواب التكتل، مؤكداً بعد لقاء قائد الجيش في اليرزة أن نواب التكتل لم يقرروا بعد في ما يخص الأسماء، ما ينفي ما يشاع عن التزامهم التصويت لفرنجية.

بالتالي، لم يعد في وسع بري أن يبدأ «البوانتاج» من كتلة الاعتدال الوطني أيضاً، إذ يمكنه، في أحسن الأحوال، أن يمون على النائب وليد البعريني وزميله عن المقعد العلوي في عكار أحمد رستم، فيما تتحكّم حسابات ومصالح أخرى ببقية نواب «الاعتدال» الذين تملك قيادة الجيش ومديرية المخابرات تأثيراً عليهم أكبر من تأثير المردة وبري. عليه، لم يعد ممكناً الاطمئنان إلى خيارات كتلة الاعتدال في أي دورة ثانية في جلسة انتخاب الرئيس، حيث يمكن لنائب أو اثنين أو ثلاثة أن يخلطوا كل الحسابات من دون أن يتمكن أحد من تحديد هويتهم الحقيقية، في ظل استعداد خارجي دائم لتمويل هكذا «انقلابات» هادئة.

 

 

قبل هذا كله، كان بري يراهن على قدرته، عبر هاتين الكتلتين، أن يؤمّن لانتخاب فرنجية الغطاء الوطني من جهة، ونحو 20 نائباً من جهة أخرى، تضاف إليهم «الكتلة الشيعية» (27 نائباً)، والنائبان العلويان والكتلة المسيحية المؤيّدة لفرنجية (طوني فرنجية، ويليام طوق، جورج بوشيكيان، فريد هيكل الخازن، ميشال المر وميشال موسى) والكتلة السنية المؤيدة لفرنجية (ينال الصلح، محمد الحجيري، قاسم هاشم، عدنان طرابلسي، طه ناجي وجهاد الصمد)، ليقول (بعد «إقناع» حسن مراد وفيصل كرامي ومحمد يحيى) إنه تجاوز عتبة الستين ويبدأ البحث الجديّ في تأمين نصف زائد واحد.

سحب بساطَي جنبلاط وكتلة الاعتدال، أقلّه حتى إشعار آخر، يطيح «بوانتاج» عين التينة وينقله إلى مكان آخر:

مقابل نحو 44 صوتاً مضموناً (اليوم) لفرنجية، هناك (اليوم) نحو 44 صوتاً مضموناً لقائد الجيش تضم اللقاء الديمقراطي (8 نواب) إضافة إلى غسان سكاف، والقوات اللبنانية (18) والكتائب (4) وميشال ضاهر وأشرف ريفي وكميل شمعون وإيهاب مطر وما لا يقل عن عشرة نواب تغييريين. وإذا كانت ماكينة بري تعتقد بأن أربعة أو خمسة نواب عونيين سيصوتون لفرنجية خلافاً لرأي رئيس تكتلهم، فإن المفارقة أن ماكينة عون تدرج هؤلاء النواب أنفسهم في خانة الناخبين لقائد الجيش خلافاً لرأي رئيس تكتلهم؛ فيما تؤكد التجارب السابقة، مع ما رافقها من ترغيب وترهيب، أن هؤلاء لن ينتخبوا من لا تريده قيادتهم.

 

هذا كلّه يحصل عشية انعقاد لقاء باريس الخماسي، بوصفه المدخل لتبنٍّ دولي – عربي لترشيح قائد الجيش، وتصعيد الضغط على بري لإفساح المجال أمام التعديل الدستوري، علماً أنّ «عدّة العمل» الأميركية جاهزة في انتظار أمر العمليات، من القطاع المصرفي إلى القضاء والشارع. في ظل تقدير الأميركيين الدائم بأنهم يخطّطون وحدَهم، من دون تقدير أو توقّع ما يخطط له خصومهم ويتحضّرون لتنفيذه.