IMLebanon

حرب النّاقلات وهيبة الغرب

 

منذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ـ بعد طول تهديد ووعيد ـ تراجعه في الدّقائق العشر الأخيرة عن الردّ على إسقاط إيران أحدث طائرات الدرون الأميركيّة، بدا واضحاً أنّ الغرب كلّه عاجزٌ وليس جاهزاً لوضع حدّ للعربدة الإيرانيّة في منطقة الخليج العربي، وأنّ إيران لا تمزح أبداً عندما تؤكّد أنّها لن تتردّد في إقفال مضيق هرمز أو على الأقلّ «عرقلة» حركة الملاحة فيه!

 

ماذا بالإمكان هذا الغرب البليد أن يفعل وإيران تذهب بهيبة دوله الكبرى واحدة تلو الأخرى؟ والمدهش أنّ بعض العرب لا يزال يصدّق أنّ «ملايكة الأميركان» قادرة على نشر أجنحة حمايتها عليهم، لم يعتبروا حتى الساعة، ولم يتعلّموا أيضاً أنّه وفي لحظة الجد الأميركيّون سيتركونهم غارقون وينسحبون من وحول المنطقة، على الأقلّ ليقرأوا تجربة لبنان في أكتوبر العام 1983 عندما مسحت إيران الأرض بهيبة أميركا وكلّفتها في بضع دقائق أكبر رقم تكبّدته في عدد جنودها منذ غرق جنود المارينز في فرقاطة بيرل هاربر، لا يريد العرب لا أن يقرأوا ولا أن يتعلّوا على عكس دول الغرب، من أميركا وجرّ!

 

تجرأت بريطانيا واحتجزت ناقلة إيرانيّة، فردّت إيران مبعثرة الكرامة العسكرية البريطانيّة واحتجزت ناقلتين واحدة منهما ترفع علم بريطانيا، فما العمل إذاً مع هذه الدّولة؟! الأجواء في دول الخليج العربي «قلقة» و»مكفهرّة»، ولا تملك هذه الدّول أي قرار مبادرة، بل لا تملك أيّ حتى ربّما قراراً، في وقت عادت فيه إيران لغناء «مواّلها» النووي، والتمسّك الأوروبي بالاتفاق النووي مع إيران لم ينجح في جعلها تتمسك به، أساساً المجموعة الأوروبيّة على درجة من الغباء السياسي وخلال عقدين من الزمن لعبت إيران لعبة استفرادها بالمنطقة مقابل الاتفاق النووي، من الصّعب التصّديق أنّ الغرب ينوي لجم إيران أو حتّى أنّه يملك القدرة على لجمها، ومن السّخافة مثلاً التصّديق أنّ التعاون العسكري مع إنكلترا قد يلجم إيران أو يغيّر ذرّة في سياستها، في الأساس الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدّة الأميركية يدّعي أنّه يفرض عقوبات على إيران منذ الثمانينات، وهذا الادّعاء لم يمنع إيران من زعزعة استقرار الشرق الأوسط والدول العربيّة، ومع هذا لا يريد أن يفهموا أن الاتّكال على أميركا أوصل إيران إلى ذروة قوّتها وقمّة ضعفهم وهوانهم!

منذ تفجير المارينز والمظليين الفرنسيين في تشرين الأول 1983 طردت إيران الغرب من منطقة الشرق الأوسط وهذا الغرب هرب من المنطقة بأسرع ما يمكن، أميركا نفسها رضخت لخطف إيران للرهائن في بيروت على يد حزب الله وزوّدتها بالسّلاح خلال الحرب مع العراق، منذ مجيء الخميني إلى المنطقة فهم النظام الإيراني أهميّة إرهاب العالم، بالرغم من كلّ الغطرسة لا تستطيع أي من هذه الدول تحمّل تبعات التظاهرات الشعبيّة فيها، ولا لاضطراب حبل الأمن والتفجيرات، فلتبقَ النار بعيدة في ديارٍ بعيدة، ولنبع السلاح للمتحاربين وللعرب الخائفين، الذين يشترون ترسانات سلاح لا يستخدمونه حتى للدّفاع عن أنفسهم، عندما اندلعت الحرب العراقية ـ الإيرانيّة كان باستطاعة الدول العربية والإسلامية أن تبني جيشاً عرمرماً إلا أنّهم اختاروا أن يضحّوا بالجيش العراقي وأن يحارب عنهم صدّام حسين، وما زالت المنطقة تدفع الثمن!