IMLebanon

واشنطن قررت استعادة المبادرة لبنانياً

أسدل الستار على الإنتخابات البلدية والإختيارية بعد أربعة مراحل من الحماوة تراوحت بين التنافس العائلي والتنافس الحزبي،بكل ما شهدته من محطات ومفاجآت وخلط اوراق، ستترك تداعياتها دون ادنى شك على التحالفات السياسية القائمة، في ضوء قراءة النتائج وتداعياتها، وسط صدمة الخاسرين والرابحين على حد سواء، فالذين خسروا لم يكن في حسابهم مبدأ الخسارة اصلا، والذين ربحوا لم يكن في بالهم هذا المقدار من الربح، رغم انه من المبكر الحديث عن زعامات جديدة هي بدون شك ارقام صعبة لا يمكن بأي شكل من الأشكال تخطيها في أية استحقاقات مقبلة.

واذا كان ثمة من انتظر النهاية ليقود حملة مركزة باتجاه الدفع نحو اجراء انتخابات نيابية قبل موعدها، او في موعدها في اقل تقدير، مستندين الى الاداء الحكومي الاداري اللوجستي والامني، خرج في المقابل من يقول ان دون اجرائها عقبات في مقدمها قانون انتخابات غير متوافق عليه، في لجان مشتركة وجد ضحاياها انفسهم في كمين ثلاثي حدوده ،خوف من النسبي، ومن الاكثري، واستحالة التمديد للمجلس وهو لبّ النزاع بين القوى السياسية منذ سنوات، فضلا عن النقاش المستجد على خلفية الفراغ في بعبدا، حول تقديم «النيابية» على «الرئاسية»، بحسب ما نادى به العماد عون بداية قبل ان يتلقفه الرئيس بري في مبادرته.

مبادرة تحولت مادة نقاشية بين الاطراف السياسية حول مدى نجاحها في تحقيق الخرق المطلوب رئاسيا، حيث يلعب الفاعلون بين حدي حماسة الثامن من آذار، و»امتعاض» الرابع عشر منه، من الموقف الاميركي «المهتم» بحسب القائم بالاعمال في بيروت، وتغريد الرئيس الحريري خارج سرب ما تبقى من «ثورة الارز» معتبرا ان ارنب عين التينة قد يصلح كمخرج من عنق الزجاجة.

ففيما المراوحة السلبية سمة الاستحقاق الرئاسي والـ«لا جلسة» الانتخابية الاولى في العام الثالث من عمر الفراغ من المرجّح ان تعقد غدا، يُملأ الوقت الضائع بسجالات قديمة جديدة في مضمونها، حول من يتحمل مسؤولية استمرار الشغور الخطير، على وقع حديث لاوساط سياسية مطلعة على اجواء الاتصالات الجارية في الكواليس، عن «قوطبة» اميركية فرملت التحرك الفرنسي تجاه الساحة الداخلية، بناء على قرار واشنطن اعادة الامساك بالورقة اللبنانية في اطار اعادة تموضعها في المنطقة، واطلاقها جولة اتصالات مع شخصيات لبنانية فاعلة بعيدا عن الاعلام للضغط باتجاه الاخذ بمبادرة الاستاذ مع تعديلها بعد الحصول ضمانات فعلية مكتوبة لا شفهية برعاية من الاطراف الاقليمية المعنية، خصوصا ان الانتخابات لن تغيّر في الستاتيكو السياسي المتحكم بخريطة المجلس النيابي راهنا ولا تحدث اي نقلة مجلسية نوعية، بحسب اوساط مطلعة على السياسة الاميركية .

مقابل الدفع الاميركي ، المتعثر حتى الساعة رغم «زحزحة» بري عن موقفه وتسريبه ان مبادرته لا تبدي النيابية على الرئاسية بل تتحدث عن تزامن بينهما، تتداول الصالونات الدبلوماسية همسا حول مخرج قد يصبح متاحا في حال تحرك الوضع الاقليمي في اتجاهات معينة، يقضي بتطبيق الدستور لجهة اعتبار النائب المتخلف عن حضور ثلاث دورات انتخابية بحكم المستقيل، ما يفسح المجال امام احداث كوة في جدار النصاب المعطل واحتساب اغلبية الثلثين ، وهو ما طرحته احدى الشخصيات الدستورية خلال لقاءات جمعتها الى مسؤولين فرنسيين.

من هنا تشدد الاوساط نفسها على ان معظم القوى الممسكة بالوضع اللبناني مازالت اسيرة مواقفها، فيما الكلمة الفصل باقرار خارجي هي عند حزب الله الذي يربط مصير الرئاسة، بالتسوية الاقليمية، على صعيد المنطقة ككل، وغياب القرار الايراني بالتنازل عن ورقة الاستحقاق قبل اتضاح معالم الصورة في المنطقة من سوريا الى اليمن مرورا بالعراق، اذ ان طهران قد تحتاجها لتحسين شروطها وموقعها في التسوية الشاملة المقبلة ، ما يفسر اصطدام كل المساعي الدبلوماسية الاوروبية والفرنسية الاميركية لفصل الرئاسة عن الملفات العالقة ، بجدار التصلب الايراني، رغم المغريات التي قدمت، داعية الى ترقب أداء «حزب الله» في المرحلة المقبلة، وما اذا كان سيعيد حساباته الداخلية مقايضا تخفيف العقوبات المالية والاعلامية والسياسية، الأميركية والخليجية والعربية،بحقه،كما فعلت قبلا طهران، مقابل الافراج عن الاستحقاق برئيس يؤمن له الغطاء السياسي الذي سيحتاجه بقوة في المرحلة المقبلة.امر لمسه اكثر من زائر لبناني لمراكز القرار في واشنطن.

بعد ايار 2016 ليس كما قبله واذا كانت الانتخابات البلدية والاختيارية، التي قلبت المعادلات، «بروفا» للنيابية المنتظرة السنة المقبلة، وفقا للتقويم اللبناني، لن يلغي غرق البلاد في وحول سد جنة ومغارة الاتصالات السائبة وسط الالغام المالية التي زرعتها واشنطن لحزب الله، وسط كلام من هنا وهناك على إمكان انتخاب رئيس جمهورية تسميه إيران وترضى عنه السعودية ورئيس حكومة تسميه السعودية وترضى عنه إيران لكن هذا الكلام لا بد وأن يمر بالتقارب الاميركي -الايراني والنفوذ السعودي لدى الادارة الاميركية.