IMLebanon

واشنطن المترددة.. هل تصالح «القاعدة»؟

لم يكن الكشف عن هوية مريم المنصوري، الضابطة الإماراتية التي شاركت في الصليات الصاروخية الجوية لـ«التحالف الدولي» على مواقع «داعش» وأخواتها في العراق وسوريا، من باب الاستعراض الدعائي لقدرات الأسطول الجوي الخليجي… بقدر ما هو دليل حسي تقصّدت هذه الدولة الخليجية الصغيرة تقديمه تأكيداً على انغماسها الكليّ في «الحرب الكونية» ضدّ الإرهاب. الأمر نفسه يسري على السعودية التي كشفت هوية طياريها وبينهم أميران أفرغوا صواريخ مقاتلاتهم على حاملي الرايات السوداء.

بهذا المعنى، ثمّة مَن يعتبر أنّ الجيش اللبناني أمام فرصة جدية للضرب بيد من حديد وإشهار سلاحه بوجه المجموعات الإرهابية التي بدأت تنخر عظام التركيبة اللبنانية وتهدّد استقرارها، تارة عرسال، وطوراً من طرابلس.

صحيح أنّ زلزالاً مدمراً يضرب المنطقة وقد يغيّر كل معالمها الجيوسياسية، لكن استمرار المظلة الدولية الحامية للاستقرار اللبناني يشجع على الإقدام على خطوات عسكرية نوعية قد تسمح للجيش بتحقيق انتصارات نوعية في مواجهة المجموعات الإرهابية، طالما أنّ العالم كله، بما في ذلك الخليج العربي قرر التصدي للمدّ التكفيري.

إلا أنّ ذلك لا يبرّد قلب الكنيسة المارونية التي سعى كاردينالها إلى تشجيع الإدارة الأميركية خلال اللقاءات التي عقدها في واشنطن مع «زملائه» بطاركة الشرق، إلى المساهمة في مساعدة المسيحيين على البقاء في أرضهم.

ويقول زوار العاصمة الأميركية إن بشارة الراعي طرح أمام الرئيس الأميركي باراك أوباما ثلاث أفكار رئيسة: ضرورة إنشاء صندوق مالي لتثبيت المسيحيين في أرضهم، أن تلعب الإدارة الأميركية دوراً تقريبياً بين الرياض وطهران لما لذلك من انعكاس إيحابي على كل العرب بمن فيهم المسيحيون، والمساعدة على تسهيل عملية انتخاب رئيس للجمهورية.

ويتحدث هؤلاء عن التردد الذي يحيط بتوجهات البيت الأبيض في ما يخص منطقة الشرق الأوسط. يسمعون كلاماً من مسؤولين أميركيين مشككاً بنيات الإدارة المركزية، وكأنّ ثمة مبالغة في ما يدلي به باراك أوباما على المنابر.

حتى أنّ بعض الديبلوماسيين العرب يسألون عما إذا كانت واشنطن ستمضي قدماً في الحرب؟ وهل وضعت مشاريع استراتيجية لكيفية تعاملها مع الخطر التكفيري؟ وهل هي جادة في القضاء على هذا «الفيروس»؟ أم تسعى فقط لإدارة الصراعات والتوازنات في المنطقة؟

وبمعزل عن الأجوبة، يريد السعوديون القضاء على «داعش»، لكنهم حتماً لا يريدون لهذا الهدف أن يصب في مصلحة «الخصم الفارسي»، ولهذا، اشترطوا على واشنطن، كما يقول زوار الأخيرة، أن تكون السعودية في طليعة السرب الجوي المقاتل الذي سيقصف مواقع «داعش» في سوريا، وفقاً لخطة سياسية – عسكرية محكمة تتيح لحلفائها السوريين (المعارضين) الاستفادة من الوضع الميداني الجديد.

ولكن ذلك لم يروِ عطش لا الديموقراطيين ولا الجمهوريين الأميركيين عما إذا كان تدريب خمسة الآف مقاتل سوري معارض يكفي لقلب المعادلة السورية ضد النظام؟

يؤكد زوار واشنطن أنّه حتى الآن، لم يحسم سيد المكتب البيضاوي هوية البديل لنظام بشار الأسد، لكن الرياض تعتقد أنّه خلال المدة المتاحة للحرب الدولية، والتي حددتها واشنطن بثلاث سنوات، يمكن بناء تركيبة عسكرية بديلة قادرة على ملء الفراغات الأمنية التي ستحدثها الضربات العسكرية… ويمكن في هذه الأثناء حياكة قيادة سياسية بديلة متنوعة طائفياً ومذهبياً.

طبعاً يميل اعتقاد معظم متابعي هذه النقاشات إلى أن «مذكرة البحث والتحري» عن بديل ستستقر في نهاية المطاف على «الإسلام المعتدل» الذي يفترض أن يحلّ محل نظام بشار الأسد. لكن ما لم يكن في الحسبان هو ما سمعه بعض زوار العاصمة الأميركية عن طروحات تتردد في أروقة القرار الأميركي حول إمكان أن تكون «النصرة» هي الذراع التنفيذية للتحالف على أرض المعركة، فهل تكون الساحة السورية ساحة تقاطع «مصالح» بين البيت الأبيض و«القاعدة»؟