IMLebanon

النفايات تتراكم في الشوارع قريباً!

معمل صيدا يعمل بالقطارة..

النفايات تتراكم في الشوارع قريباً!

زمن المناورات انتهى. ملف النفايات دخل في الأزمة مجدداً. تأخر مجلس الوزراء كثيراً في البت بخطة جديدة للنفايات. تلهى البعض في الإصرار على طلب خفض قيمة الالتزام الحالي 4 في المئة، وتسرع البعض بطرح خطط غير قابلة للتطبيق، ومرفوضة سلفاً من المجتمعات المحلية، فيما طمع البعض الآخر بالاستثمار… فكانت النتيجة تعثر الخطط والتأخر في اتخاذ القرارات… وعودة النفايات الى الشوارع قريباً.

زمن المناورات انتهى جدياً هذه المرة، ليس بسبب انتهاء العقد فقط، ولا بسبب الوعود التي قطعت لإقفال مطمر الناعمة بعد شهر تقريباً (17/1/2015)، بل بسبب امتلاء المطمر فعلاً. فبحسب مصادر مراقبة لمطمر الناعمة، وصل هذا الأخير إلى مرحلة الذروة، وبات أمر إقفاله في الوقت المحدّد حتمياً، ذلك أن المساحة الكلية للمطمر البالغة 300 ألف متر مربع قد انتهت وأن لا مجال للتوسيع أو التمديد مجدداً، وهما أمران يتطلّبان تغيير المنشآت، ولاسيما إجراءات تسريب غاز «الميتان» في أنابيب، وأن أي طمر إضافي غير مدروس، يمكن أن يؤدي إلى كارثة.

ما الذي يمكن فعله خلال الفترة المتبقية؟

العارفون بتقنيات المعالجة وطرقها كافة، يؤكدون أن لا شيء يمكن فعله في فترة شهر، وأن النفايات ستعود لتتراكم في الشوارع حتماً!

ولكن لماذا وصلنا الى هذه النتيجة الدراماتيكية ومن يتحمّل المسؤولية؟

بداية لا يمكن المراهنة على تعهد وزير البيئة في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء بأن يعرض دفتر شروط تلزيم المعالجة بعد أسبوعين. وهو أمر تم التحذير من عواقبه منذ أشهر حين استسهل البعض إنتاج دفاتر شروط وتلزيم الكنس والجمع. اذ لطالما كانت المشكلة الأكبر في التلزيم وطرق المعالجة ولاسيما في إيجاد الأماكن المخصصة لذلك، فماذا يمكن أن ينتظر اللبنانيون من دفتر شروط للمعالجة لا يستند الى اي استراتيجية ولا رؤية ولا قرار او توجيه من مجلس الوزراء (ترك القرار للمتعهّدين!) علماً أن خلافاً قد حصل في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء حول مَن يضعه موضع نقاش!

ويمكن الجزم أنه مهما تضمن هذا «الدفتر» من خيارات، فإن أحداً لا يستطيع أن يجد حلاً خلال شهر، لما يقارب 3000 طن من النفايات تنتج يومياً في منطقة بيروت وقسم كبير من جبل لبنان.

فإذا تم الاتفاق على موقع بديل لمطمر الناعمة، فإن هذا الخيار يحتاج تحضيره إلى ما بين تسعة أشهر الى سنة على الأقل، وكذلك الأمر بالنسبة الى إنشاء معامل فرز وتخمير جديدة. حتى أن أعمال توسيع المواقع الحالية وإعادة تأهيل المعامل الحالية… لا يمكن إنجازها في أقل من 9 أشهر. وكذلك الأمر بالنسبة الى خيار تحويل قسم من النفايات الى وقود بديل لمعامل الترابة، كما هو مطروح أيضاً على صعوبته، وإيجاد مراكز للفرز والتسبيخ والطمر بالقرب من معملي سبلين وشكا، وهو ما يرفضه الأهالي والسكان ممن يجاورون المعملين.

أما موضوع إنشاء معامل لتوليد الطاقة من النفايات (بحسب قرار مجلس الوزراء منذ أربع سنوات)، فلا حاجة الى التذكير أن الشركة المتعهدة دراسة جدوى هذا الموضوع كانت قد وضعت هي نفسها مهلة اربع سنوات لإنجاز الدراسة والتلزيم والإنشاء، وقد انقضت هذه المهلة وما نزال في المرحلة الاولى، وقد تعثّر هذا المشروع بسبب عدم إيجاد مواقع لهذه المعامل أيضاً.

خريطة نفايات المناطق

وإذا كانت تلك هي الحال في العاصمة وقسم كبير من جبل لبنان، فإن بقية المناطق ليست في حال أفضل.. ووفق معلومات متقاطعة من أكثر من مصدر، فإن معمل صيدا للنفايات لا يعمل بطريقة جيدة، كما ان القسم الأكبر من النفايات التي يعالجها والمقدرة بما يقارب 275 طناً في اليوم (مستقبلاً 400 طن) لا يزال يرمى في مكب صيدا (مع التخمير) وأن الفرز هناك لا يتعدى الـ5 في المئة من الكمية الإجمالية (14 طناً يومياً)، أما العصارة فلا تزال ترسل في المجارير فيما يتحدث التقرير الرسمي الذي ناقشه مجلس الوزراء عن 140 طناً من أصل 275 لا يزال يرمى في مكب صيدا.

وفي زحلة، ومن أصل 220 طناً يومياً، لا يفرز إلا 6 في المئة من الكمية والباقي يذهب إلى الطمر ولا تزال مشكلة العصارة الناجمة عن هذا الموضوع عصية على الحل.

اما المناطق الأخرى التي تم إنشاء بعض المعامل الصغيرة فيها، والمقدر حجم نفاياتها بحسب آخر دراسة عرضت على مجلس الوزراء في 30/10/2014، بما يقارب 1060 طناً يومياً، فإن أكثر من نصفها لا يزال يذهب الى المكبّات العشوائية، بعد فرز وتسبيخ قسم صغير منها. في حين أن المناطق المتبقية على خريطة النفايات اللبنانية لا تزال ترمي نفاياتها في مكبات عشوائية مقدر حجمها بما يقارب 2445 طناً في اليوم.

فيدرالية نفايات الطوائف

مَن يتحمّل مسؤولية الوصول إلى هذه النتيجة المأساوية؟

الحكومات المتعاقبة التي لم تولِ هذا الموضوع الاهتمام الذي يستحق تتحمل المسؤولية الاولى. وزارة البيئة التي لم تستطع صياغة استراتيجية متكاملة ومقنعة (تحدد المسؤوليات والخيارات الفنية والمجردة) منذ سنوات، تتحمل المسؤولية. الحكومة الحالية التي تلهى البعض فيها في طرح تقاسم مناطق عمل الشركة الحالية لناحية الكنس والجمع من دون السؤال عن مصير هذه النفايات بعد ذلك، تتحمل المسؤولية. الذين رفضوا اقتراح وزارة البيئة بمعالجة مكب برج حمود مقابل تقديم ارض لتوسيع معامل المعالجة يتحملون المسؤولية.

الأفدح أن لغة طائفية بغيضة استخدمت في الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء، بما يوحي بالذهاب حكماً نحو فيدرالية نفايات طائفية ومناطقية، بحيث تتولى الطوائف الجمع والمعالجة والطمر، وكان لافتاً للانتباه، على سبيل المثال لا الحصر، أن خريطة نفايات العاصمة تضمّنت «لساناً طائفياً» يصل حتى الناعمة!

حبيب معلوف

زمن المناورات انتهى. ملف النفايات دخل في الأزمة مجدداً. تأخر مجلس الوزراء كثيراً في البت بخطة جديدة للنفايات. تلهى البعض في الإصرار على طلب خفض قيمة الالتزام الحالي 4 في المئة، وتسرع البعض بطرح خطط غير قابلة للتطبيق، ومرفوضة سلفاً من المجتمعات المحلية، فيما طمع البعض الآخر بالاستثمار… فكانت النتيجة تعثر الخطط والتأخر في اتخاذ القرارات… وعودة النفايات الى الشوارع قريباً.

زمن المناورات انتهى جدياً هذه المرة، ليس بسبب انتهاء العقد فقط، ولا بسبب الوعود التي قطعت لإقفال مطمر الناعمة بعد شهر تقريباً (17/1/2015)، بل بسبب امتلاء المطمر فعلاً. فبحسب مصادر مراقبة لمطمر الناعمة، وصل هذا الأخير إلى مرحلة الذروة، وبات أمر إقفاله في الوقت المحدّد حتمياً، ذلك أن المساحة الكلية للمطمر البالغة 300 ألف متر مربع قد انتهت وأن لا مجال للتوسيع أو التمديد مجدداً، وهما أمران يتطلّبان تغيير المنشآت، ولاسيما إجراءات تسريب غاز «الميتان» في أنابيب، وأن أي طمر إضافي غير مدروس، يمكن أن يؤدي إلى كارثة.

ما الذي يمكن فعله خلال الفترة المتبقية؟

العارفون بتقنيات المعالجة وطرقها كافة، يؤكدون أن لا شيء يمكن فعله في فترة شهر، وأن النفايات ستعود لتتراكم في الشوارع حتماً!

ولكن لماذا وصلنا الى هذه النتيجة الدراماتيكية ومن يتحمّل المسؤولية؟

بداية لا يمكن المراهنة على تعهد وزير البيئة في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء بأن يعرض دفتر شروط تلزيم المعالجة بعد أسبوعين. وهو أمر تم التحذير من عواقبه منذ أشهر حين استسهل البعض إنتاج دفاتر شروط وتلزيم الكنس والجمع. اذ لطالما كانت المشكلة الأكبر في التلزيم وطرق المعالجة ولاسيما في إيجاد الأماكن المخصصة لذلك، فماذا يمكن أن ينتظر اللبنانيون من دفتر شروط للمعالجة لا يستند الى اي استراتيجية ولا رؤية ولا قرار او توجيه من مجلس الوزراء (ترك القرار للمتعهّدين!) علماً أن خلافاً قد حصل في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء حول مَن يضعه موضع نقاش!

ويمكن الجزم أنه مهما تضمن هذا «الدفتر» من خيارات، فإن أحداً لا يستطيع أن يجد حلاً خلال شهر، لما يقارب 3000 طن من النفايات تنتج يومياً في منطقة بيروت وقسم كبير من جبل لبنان.

فإذا تم الاتفاق على موقع بديل لمطمر الناعمة، فإن هذا الخيار يحتاج تحضيره إلى ما بين تسعة أشهر الى سنة على الأقل، وكذلك الأمر بالنسبة الى إنشاء معامل فرز وتخمير جديدة. حتى أن أعمال توسيع المواقع الحالية وإعادة تأهيل المعامل الحالية… لا يمكن إنجازها في أقل من 9 أشهر. وكذلك الأمر بالنسبة الى خيار تحويل قسم من النفايات الى وقود بديل لمعامل الترابة، كما هو مطروح أيضاً على صعوبته، وإيجاد مراكز للفرز والتسبيخ والطمر بالقرب من معملي سبلين وشكا، وهو ما يرفضه الأهالي والسكان ممن يجاورون المعملين.

أما موضوع إنشاء معامل لتوليد الطاقة من النفايات (بحسب قرار مجلس الوزراء منذ أربع سنوات)، فلا حاجة الى التذكير أن الشركة المتعهدة دراسة جدوى هذا الموضوع كانت قد وضعت هي نفسها مهلة اربع سنوات لإنجاز الدراسة والتلزيم والإنشاء، وقد انقضت هذه المهلة وما نزال في المرحلة الاولى، وقد تعثّر هذا المشروع بسبب عدم إيجاد مواقع لهذه المعامل أيضاً.

خريطة نفايات المناطق

وإذا كانت تلك هي الحال في العاصمة وقسم كبير من جبل لبنان، فإن بقية المناطق ليست في حال أفضل.. ووفق معلومات متقاطعة من أكثر من مصدر، فإن معمل صيدا للنفايات لا يعمل بطريقة جيدة، كما ان القسم الأكبر من النفايات التي يعالجها والمقدرة بما يقارب 275 طناً في اليوم (مستقبلاً 400 طن) لا يزال يرمى في مكب صيدا (مع التخمير) وأن الفرز هناك لا يتعدى الـ5 في المئة من الكمية الإجمالية (14 طناً يومياً)، أما العصارة فلا تزال ترسل في المجارير فيما يتحدث التقرير الرسمي الذي ناقشه مجلس الوزراء عن 140 طناً من أصل 275 لا يزال يرمى في مكب صيدا.

وفي زحلة، ومن أصل 220 طناً يومياً، لا يفرز إلا 6 في المئة من الكمية والباقي يذهب إلى الطمر ولا تزال مشكلة العصارة الناجمة عن هذا الموضوع عصية على الحل.

اما المناطق الأخرى التي تم إنشاء بعض المعامل الصغيرة فيها، والمقدر حجم نفاياتها بحسب آخر دراسة عرضت على مجلس الوزراء في 30/10/2014، بما يقارب 1060 طناً يومياً، فإن أكثر من نصفها لا يزال يذهب الى المكبّات العشوائية، بعد فرز وتسبيخ قسم صغير منها. في حين أن المناطق المتبقية على خريطة النفايات اللبنانية لا تزال ترمي نفاياتها في مكبات عشوائية مقدر حجمها بما يقارب 2445 طناً في اليوم.

فيدرالية نفايات الطوائف

مَن يتحمّل مسؤولية الوصول إلى هذه النتيجة المأساوية؟

الحكومات المتعاقبة التي لم تولِ هذا الموضوع الاهتمام الذي يستحق تتحمل المسؤولية الاولى. وزارة البيئة التي لم تستطع صياغة استراتيجية متكاملة ومقنعة (تحدد المسؤوليات والخيارات الفنية والمجردة) منذ سنوات، تتحمل المسؤولية. الحكومة الحالية التي تلهى البعض فيها في طرح تقاسم مناطق عمل الشركة الحالية لناحية الكنس والجمع من دون السؤال عن مصير هذه النفايات بعد ذلك، تتحمل المسؤولية. الذين رفضوا اقتراح وزارة البيئة بمعالجة مكب برج حمود مقابل تقديم ارض لتوسيع معامل المعالجة يتحملون المسؤولية.

الأفدح أن لغة طائفية بغيضة استخدمت في الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء، بما يوحي بالذهاب حكماً نحو فيدرالية نفايات طائفية ومناطقية، بحيث تتولى الطوائف الجمع والمعالجة والطمر، وكان لافتاً للانتباه، على سبيل المثال لا الحصر، أن خريطة نفايات العاصمة تضمّنت «لساناً طائفياً» يصل حتى الناعمة!