IMLebanon

إهدار الوقت في زمن «التسلية» بـ«الخطوط المفتوحة»

عن الأحزاب وبكركي والمستقلين والتوازن

إهدار الوقت في زمن «التسلية» بـ«الخطوط المفتوحة»

يمكن بسهولة اختصار المشهد السياسي الداخلي بالمثل الشعبي «حركة بلا بركة». زيارات مكوكية في الداخل وصوب الخارج. اتصالات هاتفية. تبادل الرسائل وجس النبض… ولا جديد، ولا حتى احتمال بروز جديد في المدى المنظور، سواء في موضوع رئاسة الجمهورية او في الملفات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة الاعباء والتعقيدات.

يواصل السياسيون ادهاش اللبنانيين بانقلاباتهم واستنسابياتهم وتحجيم أزمات البلد على قياس مصالحهم. وبعد أن كانت انعطافات النائب وليد جنبلاط مثار التعليقات والتندر، يتبارى السياسيون في التفوق على «البيك». وما سجال رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع بالأمس سوى «تسلية» اضافية في زمن التسالي الكبرى.

تواصل مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري مع الوزير جبران باسيل للابقاء على الخطوط مفتوحة بعد الاتصال الهاتفي بين العماد ميشال عون والحريري. ومنعا لاي سوء فهم او التباس كان نادر الحريري شديد الوضوح في زيارته الى النائب سليمان فرنجيه وتأكيده الوقوف خلفه، او الى جانبه، في انتخابات رئاسة الجمهورية.

وفيما نشط الوزير ميشال فرعون على خط تقريب وجهات النظر، التي تزداد تباعدا بين الحريري وجعجع، انشغلت بكركي، مدعومة من الاحزاب المسيحية، في استحضار الغبن اللاحق بالمسيحيين في الوظائف والادارات.

تتعدد القراءات لهذا المشهد السوريالي. ففي رأي سياسي مسيحي أن «هذا الحراك مطلوب وضروري. هو دليل على اكتشاف اللبنانيين أنه لا بد من ان يشرعوا ابوابهم للتواصل والحوار ومناقشة خلافاتهم وتناقضاتهم تمهيدا للوصول الى توافقات. واذا لم يكن من ايجابية لكل هذه اللقاءات سوى ابقاء الاوضاع مستقرة ومضبوطة على ايقاع الخلافات السياسية، فذلك مفيد ومطلوب في هذه الفترة الضبابية في المنطقة، ووسط انشغال الدول بترتيب مصالحها ومواجهة أزمات كبرى تبدأ بقضايا الإرهاب واللجوء مرورا بالازمات الاقتصادية من تراجع اسعار النفط وبعض العملات، وصولا الى الاستحقاقات الانتخابية في عدد من الدول». يضيف السياسي «لا يمنع ذلك من طرح بعض المواجع المحددة، كما تفعل بكركي في قضايا التوازن الطائفي في الوظائف. هذا التوازن الذي يقوم عليه البلد وأي خلل فيه ينعكس على الثقة والشراكة الحقيقية والكاملة بين اللبنانيين».

في المقابل، يرى سياسي مسيحي مستقل أن «الايجابية الوحيدة لكل هذا الحراك، الذي يصرف النظر عن الازمات الحقيقية في البلد ويضيف عليها، هو اظهار مدى هشاشة التحالفات التي كانت قائمة في البلد، وقدرة السياسيين اللبنانيين على الانقلاب على كل طروحاتهم».

لقد كان مسلّما به أن الطوائف منغلقة على نفسها، يضيف السياسي المسيحي، «راهن بعضهم، لفترة وجيزة، أن الانقسام بين 8 و14 آذار فتح كوة في الانقسام حول توجهات البلد وخياراته، وليس فقط طوائفه. سرعان ما تكشف ذلك عن خطأ في القراءة وسوء التقدير. وها هم المسيحيون يحاولون التشبه بسائر القوى الطائفية، فيحاولون التكتل تحت أعذار واهية، لا تظهر ايجابياتها على البلد».

قبل استيضاحه عن مواقف المستقلين وانحيازاتهم وتقلباتهم التي لا تقل ادهاشا يستطرد السياسي المسيحي «من جملة ما ظهّرته التطورات غياب الثوابت لدى معظم الطبقة السياسية، خصوصا المستقلين. ففي حين كنا نسعى الى توسيع هامش هؤلاء ودورهم وحضورهم في الوسط المسيحي، متمنين ان ينسحب ذلك على سائر الطوائف، وجدنا أن كل شخصية سياسية سارعت الى حجز مكان لها في الواقع المستجد. انحاز من كان يفترض أنهم مستقلون، الى طرف من الاطراف المتنازعة على كرسي الجمهورية ومن يدعمهم. جاء تأييدهم لهذا او ذاك اشبه بالتبعية لحجز مقعد انتخابي مأمول. ودائما من باب النكاية وسياسة الكيد والحسابات الصغيرة».

يتجنب السياسي الحديث عن مواقف بكركي. يكتفي بالاستغراب والاستعانة بالانجيل متسائلا «الم يكن المسيح واضحا في كلامه الى مرتا حين خاطبها قائلا تهتمين بأمور كثيرة والمطلوب واحد». خاتما «احيانا، حين ننشغل ونشغل الناس في قضايا تفصيلية، نغيّب عن قصد، أو عجز، القضايا الاهم. ونحن لا نرضى لبكركي ايّا من ذلك».