IMLebanon

المغامرة بلبنان من أجل السلاح

 

هامش اللعبة محدود في «الميكانيزم» كما في المساعي الإقليمية والدولية من خارجه. ولا مجال لتكبير الرهانات اللبنانية على جلسة «الميكانيزم» يوم 19 الجاري، ولا على محاولات أميركا وفرنسا والفاتيكان ومصر وقطر وعُمان مع نتنياهو لتجنيب لبنان جحيم حرب مدمرة عنوانها «إكمال المهمة». فما يحتاج اليه لبنان هو نقلة نوعية في مسألة حصرية السلاح لتقوية المفاوض المدني في إطار «الميكانيزم»، ووضع شيء في يد من يضغط على إسرائیل. وما يُرمى به مع رفض «حزب الله» للتفاوض واعتباره «سقطة» هو اندفاع بعض الموافقين على التفاوض إلى التحديد الضيق لدور المفاوض المدني اللبناني ونزع أية ورقة حوارية من يده.

 

وردّ «حزب الله» على مساعي الدول لوقف أو تأجيل الحرب هو الإصرار على التمسك بالسلاح المسبب للحرب، وجعله في موازاة «الأرض والروح» ورفض التخلي عنه للجيش ولو «أطبقت السماء على الأرض وحاربتنا قوى الكون» كما قال الشيخ نعيم قاسم. فما هو سر هذا السلاح الذي خسر الحرب وفقد دوره، واعترف أمينه العام بالعجز عن حماية لبنان وأعلن الإنكفاء الى الموقع الخلفي وراء الدولة التي عليها «تحرير الأرض وحماية البلد»؟ هل هو سلاح التحرير في قرن آخر من توظيف الجمهورية الإسلامية في إيران لقضية فلسطين بعد قرن من فشل العمل الفلسطيني والحروب العربية وتوظيفات الأنظمة؟والى أين في النهاية؟

 

الأجوبة على الأرض. وما دامت «الحرب استمرارًا للسياسة بوسائل أخرى»حسب كلاوزفيتز، فإن السياسة بالنسبة إلى «حزب الله» هي استمرار للحرب بالوسيلة نفسها وبوسائل أخرى. والحشرة الداخلية والخارجية كشفت الطبقة الأخيرة من الطبقات المسندة للسلاح، وهي مواجهة «خطر وجودي» إافتراضي على الطائفة الشيعية التي لها دور وازن في لبنان حتى بعد نهاية الهيمنة. والكل يعرف أن من الوهم عزل أية طائفة أو أي حزب في لبنان، ولو كانت الطائفة صغيرة والحزب ضعيفًا، فكيف إذا كانت الطائفة كبيرة والحزب قويًا ؟ أما الطبقة الأهم في مهام السلاح، فإنها تلك المرتبطة بالحرس الثوري والمشروع الإقليمي الإيرانی تحت عنوان ولاية الفقيه.

 

ذلك أن السلاح لعب داخل لبنان وفي مواجهة العدو الإسرائيلي، كما في الانخراط في حرب سوريا دفاعًا عن نظام الأسد وعمليًا عن المصالح الإيرانية وفي مساعدة «حماس والجهاد الإسلامي» في لبنان وغزة والحشد الشعبي في العراق و «أنصار الله» الحوثيين في صنعاء. والدور المطلوب الآن أكبر بعد الضربات التي أصابت طهران ومشروعها وأذرعها المسلحة. فما يقوم عليه سلام ترامب في الشرق الأوسط هو تجميع أكبر حشد عربي وتركي وإسرائيلي بقيادة أميركا لإنهاء المشروع الإيراني وربما إسقاط النظام. وما على «حزب الله» وسلاحه وأسلحة الأذرع الأخرى القيام به هو الدفاع عن المشروع الإيراني واستعادة قوته ونفوذه في رهان على قلة صبر ترامب، وبالتالي فشل سلامه وانتشار الفوضى الشرق أوسطية التي هي المناخ الملائم لتقوية النفوذ الإيراني.

 

لكن اللعبة صارت أكبر من إيران وما بقي من أذرعها. ولا مجال للعودة إلى ما كان قبل التحولات الهائلة المتسارعة في المنطقة، من غزة ولبنان إلى سوريا. ومن المخيف أن يذهب «حزب الله» ويأخذ اللبنانيين معه إلى فخ الحرب الإسرائيلية بعيون مفتوحة، في حين تحاول دول العالم تجنيب لبنان هذه الحرب. و «العالم ليس عقلًا» حسب عبد الله القصيمي.