IMLebanon

“حزب الله” بلا أيام مجيدة

 

 

شد الحبال على أشده عشية جلسة الثلاثاء المقبل، فالصراع بين الدولة و”حزب الله” قائمٌ على أولويات بديهية ومستحيلة في الوقت نفسه، بشأن البحث في آليات حصر السلاح بيد الدولة، قبل أو بعد وقف الأعمال العدائية الإسرائيلية وانسحاب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانية.

 

ففي حين يكثف العدو الإسرائيلي اعتداءاته على لبنان بذريعة القضاء على الحزب وترسانته الحربية، أو ما تبقى منها، يرفع الأخير سقف شروطه وتهديداته، ليس بوجه هذا العدو، وإنما بوجه الدولة وما سوف تتخذه الحكومة من قرارات، وكأنه يذكِّر من غاب عن ذاكرته اليوم المجيد الذي أعقب جلسة مشابهة لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة، كانت قد عقدت في الخامس من أيار عام 2008، لبحث موضوعي شبكة الاتصالات الهاتفية غير الشرعية، التي أقامها “حزب الله” على امتداد الأراضي اللبنانية، واعتبار قائد جهاز أمن المطار، حينذاك، العميد وفيق شقير مسؤولًا بالإهمال و/أو التغاضي عن وجود كاميرات المراقبة غير الشرعية التابعة لـ “الحزب”، وقرار إعادته إلى ملاك الجيش.

حينها كان “الحزبط يستثمر في “الانتصار الإلهي” لما بعد “حرب تموز 2006″، فقد كانت خسائره محدودة قياسًا إلى هزيمته الحالية، وكانت بيئته تنهل من الأموال العربية وتشكر إيران، وتشتم العرب وتتهم السنيورة بالعمالة لأميركا، وبالتواطؤ ضدَّ المقاومة وضدَّ الشيعة، بعدما حث العالم أجمع على مساعدة لبنان، لذا استسهل الاجتياح العسكري والدموي لمدينة بيروت ولبعض الجبل، في 7 أيار، وتدرّج في مصادرة الدولة وصولًا إلى ابتلاع مؤسساتها، ولفظها بعد ذلك جثة شبه هامدة.

 

في تلك الفترة كان طريق الهيمنة الإيرانية سالكًا وآمنًا، وكان المال النظيف يصب في خزائن “الحزب” من دون المرور بقنوات رسمية… مال غير شرعي، تمامًا كما السلاح غير الشرعي، ولا رادع لأن الحكومة ورئيسها كانا تحت ضغط أحزاب 14 آذار، وكانت عاجزة عن اتخاذ قرارات تسهِّل العبور إلى الدولة، سواء بسبب الخوف من الاغتيالات، أو لتغليب المصالح الخاصة لكل منها عبر استثمار “ثورة الأرز”

 

اليوم، شتان ما بين عشية 7 أيار 2008 وعشية الثلاثاء المقبل. فالأمور مختلفة، و”الحزب” يحاول الإيحاء بأنه لم يضعف، ينكر هزيمته الموصوفة، ويدّعي أنه منع إسرائيل من الوصول إلى بيروت. يرفض الاعتراف بأنه مخترق حتى العظم، يتعامى عن عجزه مقابل تذرع إسرائيل بعدم تسليمه سلاحه لتواصل إجرامها واعتداءاتها.

 

أيضًا هزيمة إيران موصوفة، طريقها نحو العواصم التي كانت تسيطر عليها لم يعد سالكًا أو آمنًا. التغيرات الجيوسياسية في المنطقة تفوق قدراتها. ما يعني أن خطاب “حزب الله” سينقلب عليه، لأن تبعات وضعه العراقيل في وجه قيام الدولة بواجباتها لجهة بسط سيادتها، ستدفع ثمنه بيئته العاجزة عن العودة إلى قراها بسبب تفضيله مصلحته ومصلحة مشغله الإيراني على حساب هذه البيئة…

 

اليوم… لا أيام مجيدة ولا فرصة ثانية…