IMLebanon

من يتحّمل مسؤوليّة عدم تسليح الجيش ؟

السلاح الإيراني «تعا ولا تجي»

من يتحّمل مسؤوليّة عدم تسليح الجيش ؟

وفق طريقة «تعا ولا تجي» يتعامل المسؤولون في الحكومة اللبنانية مع الهبة العسكرية الايرانية التي حشرت فيها الادارة الايرانية الدولة اللبنانية تدريجيا وفق ثلاث مستويات حسب مصادر نيابية مطلعة:

1- بدأت هذه الهبة على شكل مساعدة عسكرية شبه مجانية للجيش اللبناني ولكن دون شروط سياسية.

2- وفق ردة الفعل اللبنانية رفع الايرانيون من مستوى الوضع لقبول الهبة بشكل مجاني دون اي فلس.

3- ارتفع منسوب الرفض اللبناني من جهات معينة فكان على الايرانيين ان يعرضوا في المقابل نقل الهبات وتوصيلها وتوضيبها مع الشروط والمصلحة اللبنانية.

ولكن وفق هذه المصادر فان هذا التدرج ناتج من معرفة مسبقة من قبل الجمهورية الاسلامية في ايران ان تسليح الجيش ولو على شكل ذخائر وصواريخ محددة فقط ممنوع ليس من جهات داخلية فحسب انما من قبل دول الخليج والولايات المتحدة الاميركية على خلفية القرارات الدولية الصادرة في حق ايران والعقوبات المفروضة عليها، وبغض النظر عن فحوى هذه القرارات وامكانية ان تطال الهبات العسكرية وليس الاستيراد والتصدير فان ثمة عوائق اساسية لا يمكن ان توصل هذه المساعدات العسكرية الى لبنان حتى ولو كانت حليباً للاطفال او بطانيات، الاسباب معروفة في الداخل اللبناني على حد قول المصادر ان ثمة فئات لا تريد في هذه الفترة الحرجة من التجاذب الايراني – السعودي توجيه اللوم الى الحكومة اللبنانية وهي في غنى عن هذا الحرج، ويعرف كل اعضاء الحكومة والقيادات السياسية ان الهبة العسكرية الايرانية اصبحت في خبر كان وزيارة وزير الدفاع سمير مقبل الى ايران كانت نتائجها محسومة سلفا واعتبرتها هذه المصادر زيارة سياحية، كان مقبل يعي تماما ان الطائرة التي اقلته الى ايران والاستقبال الحار الذي لاقاه من قبل المسؤولين في ايران خصوصا قطع الرئيس روحاني جلسة مجلس الوزراء لاستقبال وزير الدفاع اللبناني لا يمكن ان تغير حرفا في سياق الرفض السابق للزيارة بحسب المصادر من قبل بعض الجهات في لبنان، وحاول الايرانيون بكل قواهم اغراء الوزير اللبناني بالزيارات وحسن الضيافة لربما تتحلحل المواقف خجلا، و لكن واقعية مقبل ومعرفته المسبقة بالرفض اللبناني وضعت تصريحاته في ايران في اطار الكلمات المتقاطعة ولربما لو تحدث باللغة الفارسية تجاه الهبة العسكرية لكان الفهم افضل للطرفين!!

وبفعل وجود اكثر من اربع وعشرين رئيس حكومة داخل مجلس الوزراء فان هذه المصادر ترى في تقديم الهبة الايرانية اشبه بالمعجزة ولم يكن الايرانيون اصحاب حياكة السجاد بعيدين عن هذا الامر وكلما تقدم العرض الايراني سارع السعوديون الى احياء ثلاثة المليارات ومن بعده المليار دولار، وتتخوف هذه المصادر من ان يكون الجيش كبش محرقة على ابواب معركته على الارهاب وسط هذا التجاذب الاقليمي وعدم وصول الاسلحة الاميركية المدفوع ثمنها سلفا وهي كناية عن طوافات مستعملة وليست جديدة فيما الاسلحة الايرانية مجانية وجديدة!

وتبدي هذه المصادر عجبها من كيفية سماح الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا لايران بتقديم اسلحة وخبراء عسكريين بكميات ضخمة الى اقليم كردستان حتى ان مسؤولا امنيا رفيع المستوى على الصعيد العسكري في ايران كان متواجدا على الارض في كردستان ولم تعارض، اي من الدول هذا الامر لتوضح هذه المصادر ان المسألة في لبنان ليست الامتناع عن قبول الهبة الايرانية بفعل وجود قرارات دولية في حق الجمهورية الاسلامية اذ كيف يصح الامر في كردستان ولا يجوز في لبنان، في المسألة كيد سياسي تقول المصادر سوف يدفع ثمنه الجيش اللبناني الذي عليه ان ينتظر الوقت الطويل كي تصل الطائرات والذخائر الاميركية – ولكي تزداد مساحة الصيف والشتاء على سطح واحد فان الطائرات الروسية التي يلزمها فقط مبالغ بسيطة جداً كي تصل الى لبنان هي بدورها مرفوضة بالرغم من زيارة وزير الداخلية نهاد المشنوق الى موسكو واصطحابه وفداً عسكرياً رفيع ليتكامل المشهد مع زيارة مقبل الى ايران وفق مبدأ المساواة بالعجز عن اتخاذ قرار داخلي يتمكن خلاله الجيش اللبناني من الدفاع عن المواطنين داخل الاراضي اللبناني وفق عقيدة وطنية لا غربية تتيح لاميركا السيطرة على التدريب والعقيدة ولا ايرانية تسمح للجمهورية الاسلامية بالدخول الى المؤسسة العسكرية.

وتتساءل هذه المصادر: لماذا لا يتم تسليم تسليح الجيش الى قيادة الجيش اللبناني وهي ادرى واوعى من اهل السياسة الذين لا يعرفون الحاجات الحقيقية لقيادة معركة عسكرية مع ارهاب متغلغل داخل الاحياء اللبنانية، وان مسألة تقدير ووزن الاخطار لا يمكن للسياسي الفقه فيها، فالقيادة التي قدمت الحاجات العسكرية بتقرير وراء تقرير كان باستطاعتها حسم هذا الموضوع بشكل سريع بعيدا عن التجاذبات السياسية وربطها بالمحاور الاقليمية لتنعكس على جهوزية الجيش اللبناني تجاه عدم امداده بما يلزمه من معدات واسلحة وبالرغم من ذلك يأتي من يطالب المؤسسة العسكرية بنشر الجيش في كل اراضي الجمهورية اللبنانية وفي كل حي ودسكرة من اجل حفظ الامن.

وفي المقابل تضيف المصادر فان مسائل الدعم لهذا الجيش ماديا يريدون تمريرها وفق مبدأ الشحاذة كما حصل مع سلسلة الرتب والرواتب وها هي الاسلحة يمكن ان تمرر وفق الطريقة نفسها هذا اذا لم يتم حجب السلاح بصورة تامة على خلفية الخلاف بين ما هو شرقي او غربي بالرغم من كون مسألة التنوع في مصادر السلاح تعطي الجيش قدرة فائقة في التعامل مع النزاعات والحروب.

اما المسألة الجوهرية والمأساوية حسب هذه المصادر فتتمثل في انقضاء الوقت شهرا وراء الاخر دون وصول السلاح الى الجيش لتسأل: ماذا لو شن الارهابيون هجوما واسعا وعنيفا على اكثر من جبهة في وقت واحد وهذا يمكن ان يكون واردا في اي لحظة، فمن يتحمل تبعات هذا الهجوم اذا لا سمح الله استطاع الارهابيون الدخول الى بعض البلدات وافتعال الفظائع ومن باستطاعته تحمل مسؤولية سقوط العديد من الشهداء في صفوف المدنيين والعسكريين، ومن يتحمل ردة الفعل على صعيد اذكاء نار الفتنة اذا ما حصلت مجازر؟

كل هذه الاسئلة مشروعة حسب هذه المصادر التي تعتبر انه بالرغم من رفض الهبة الايرانية والروسية وتباطؤ وصول السلاح الاميركي فان الجيش اللبناني لطالما حارب بشجاعة تفوق قدرات كل الجيوش في العالم وما اعتراف رئيس اركان الجيوش الاميركية السابق بقدرة الجندي اللبناني على المواجهة كافضل مقاتل من بين جيوش العالم وهذه الشهادة يترجمها الجيش اللبناني منذ عشرات السنين ولكن مسألة تسليحه باتت تطرح علامات استفهام جوهرية داخل الاروقة اللبنانية التي تشاهد بأم العين تعاظم قدرات الجماعات المسلحة في مقابل انعدام الفهم لدى الطبقة السياسية من خطر وجودها فهل من لا يريد جيشاً للبنان قادراً وقوياً… ولكن دون ذخيرة؟؟a