IMLebanon

ما هي خلفيات اغفال التعدي على املاك الدولة… وما مصير عائدات المرفأ وعشرات المرافق؟

 

بغض النظر عن المسار الذي ستؤول اليه مناقشات مجلس الوزراء حول تخفيض العجز في الموازنة واستطراداً ما اذا كانت الامور ستذهب نحو تخفيض في رواتب القطاع العام ومعها التقديمات الاجتماعية الاخرى، يلاحظ سياسي معني من قوى 8 آذار انه رغم المواقف وبعض الاقتراحات التي تقدمت بها اكثر من قوى سياسية مشاركة في الحكومة حول آليات معالجة العجز والحد من الفساد والهدر في المال العام، الا ان ما تتبلور حتى الان من اقتراح بعض الاجراءات في مشروع الموازنة، الى جانب ما هو مرفوع من بعض الايرادات من اطراف اخرى، لا يؤشر الى توجهات فاعلة قد تفضي اليها نتائج جلسات مجلس الوزراء من حيث وقف فوضى الانفاق في وزارات ومؤسسات الدولة ان من حيث وقف التهرب الضريبي، او تحميل اصحاب رؤوس الاموال والمعتدين على املاك الدولة ما هو متوجب عليهم من ضرائب ورسوم.

 

فعلى مستوى الهدر في المال العام والانفاق غير المجدي يشير السياسي المعني الى ان معالجة المزراب لم تتم مقاربته بطريقة فاعلة وجدية من حيث اعادة النظر بكل ما له علاقة بهذا الانفاق، فرغم ان وزارة المال هي المعنية مباشرة باعداد الموازنة وتفاصيلها، الا ان الظرف الاستئنائي الذي وصلت اليه البلاد على مستوى العجز من جهة والفوضى في انفاق المال العام، كان يستدعي ان يكون لرئيس الحكومة بالتنسيق مع وزير المال دور اساسي في التحضير للتخفيضات التي ستطال انفاق الوزارات والمؤسسات العامة، بحيث يطلب من المؤسسات التابعة لمجلس الوزراء، ومن كل الوزراء الاخرين تحضير تصور متكامل لما يحصل من انفاق في كل الوزارات والمؤسسات العامة، حتى تتم مناقشة هذا الانفاق بالتفاصيل في جلسات مجلس الوزراء، وهذا الانفاق غير المجدي، بل والهدر في المال العام يطال عشرات البنود في موازنات هذه الوزارات والمؤسسات من الرواتب الخيالية، الى كل ما يحصل من انفاق على قاعدة المحسوبيات عبر ما يسمى الساعات الاضافية او بدل حضور الاجتماعات ونفقات السفر الضخمة الى مسائل عديدة مماثلة، كما ان التحضيرات التي سبقت تحديد جلسات مجلس الوزراء لبحث سياسة التقشف للحد من عجز الموازنة لم تتطرق الى جدوى ابقاء العديد من المؤسسات والصناديق مع العلم ان هناك العشرات من هذه المؤسسات والصناديق، هي للمحسوبيات السياسية بين زعماء الطوائف والاحزاب المشاركة في السلطة وهي بالتالي لا جدوى من استمرارها، وكذلك ما يتعلق بحصر مردود عدد من المؤسسات العامة بالخزينة، وليس انفاقها، اما المحسوبيات او ما ما يسمى بتوزيع النسبة الاكبر من العائدات على اعفاء مجلس الادارة والعاملين بما هو حاصل في مرفأ بيروت وباقي المرافئ الاخرى وكازينو لبنان.

 

وتلاحظ المصادر ان الدعوات التي طالبت قبل ايام بزيادة موازنات بعض الوزارات، ولو ان الهدف منها تحسين الخدمات الصحية او الاجتماعية على غرار ما تقوم به وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية، فالمطلوب اولاً ان يتم وقف مزاريب الهدر على غرار ما يقدم من مئات المليارات هبات لالاف الجمعيات الوهمية في الشؤون الاجتماعية وما يحصل من تضخيم لفواتير الاستشفاء في المستشفيات الخاصة والحكومية وبعد ذلك يجري البحث بحاجات هذه الوزارات.

 

والامر ذاته، ينسحب وفق تأكيد المصادر على قضايا التهرب الضريبي والاعفاءات غير المبررة لكبار الشركات والمستثمرين والتعديات على املاك الدولة بدءا من الاملاك البحرية، وتورد المصادر عشرات الاماكن التي جرى تجاهلها في البحث حتى الان التي تدرّ مئات ملايين الدولارات على الخزينة والابرز فيها الاتي:

 

1- في موضوع التهرب الضريبي لم يتضح فعليا في الموازنة ولا في الاقتراحات الاخرى، آليات مواجهة التهرب الضريبي على غرار ما يحصل في مرفأ بيروت من تلاعب في البيانات الجمركية والامر ذاته في كل المرافئ الاخرى وفي العديد من الدوائر الرسمية كما هو حاصل في الدوائر العقارية بحيث تقدر المصادر المبالغ التي تخسرها الخزينة بمئات ملايين الدولارات والامر ينسحب ايضا على تهرب الشركات من الاعلان عن ارباحها الحقيقية وكذلك التهريب على الحدود البرية اضافة الى الاعفاءات الممنوحة للنواب والهيئات الدينية والجمعيات، وما اثير قبل ايام عن فضيحة استيراد المجلس الاسلامي الشيعي لعشرات السلع من الجبالات الى الثياب الداخلية النسائىة دليل على الهدر في المال العام.

 

2- تجنب مشروع الموازنة واقتراحات معظم القوى السياسية لإعادة النظر بالرسوم على المخالفات البحرية وتذرع البعض بصدور قانون عام 2017 في هذا السياق لا يعفي المسؤولين وضرورة اعادة النظر في المبالغ الضخمة التي جرى التغافل عنها عام 2017 ومنها مثلا ان في امكان الدولة ان تجبي ما يزيد عن ملياري دولار لمرة واحدة عن الضرائب والرسوم عن الاعوام السابقة، وكذلك الامر بما يتعلق بسوليدير وما حصل في السنوات الـ 30 الماضية في ايجار لمساحات واسعة وفي مناطق غالية الثمن بأسعار رمزية مثل «زيتونة بيه» واملاك سكك الحديد وغيرها، اضافة الى اغفال الرسوم على اصحاب الكسارات والمرامل واصحاب المولدات وعشرات المرافق المماثلة.

 

3- اغفال اي جهد فعلي من اجل اعادة النازحين السوريين الى بلدهم وحتى اغفال الصرخة التي رفعتها جمعية الصناعيين مؤخرا حول ضرورة اقفال المؤسسات غير الشرعية وتطبيق القوانين على جميع المقيمين على الاراضي اللبنانية، اضافة الى معالجة تضخم العمالة غير الشرعية لدى الاف المؤسسات المختلفة.

 

4- كيفية الحد من تنامي فوائد الدين العام والتي تزيد عن خمسة مليارات دولار ان من خلال التفاوض مع المصارف الدائنة لتخفيض الفوائد التي تحصل عليها في مقابل استدانة الدولة منها او رفع الضريبة على ارباح المصارف واصحاب رؤوس الاموال.

 

ان اعادة التوازن للمالية العامة من خلال مواجهة الهدر والفساد ومعالجة التصرف العشوائي بمردود عشرات المؤسسات والمصالح والمرافق والمرافئ هو المدخل الجدي والحقيقي لاخراج البلاد من ازماتها، وغير ذلك سيفاقم المشكلة ان عبر استمرار مزاريب الهدر وان من خلال اختلاق مشكلة اجتماعية جديدة في حال جرى «مدّ اليد» الى الرواتب والاجور.