IMLebanon

ما يسمعه زوّار بكركي من مواقف حول الاستحقاقات ومصير المسيحيين والحملة عليها

ما يسمعه زوّار بكركي من مواقف حول الاستحقاقات ومصير المسيحيين والحملة عليها

مُبادرة الحريري وجعجع غير كافية طالما «الحكيم» بقيَ مُرشحاً ولم ينسحب 8 آذار لم تقدّم حلاً طالما تُسلّم بترشيح عون

وكذلك جنبلاط بتمسّـكه بحلو

يلمس زوار الصرح البطريركي في بكركي أن ألهم المسيحي والهاجس الوطني يخيّمان بقوة على هذا المكان نظراً للدور الذي تولته الكنيسة في ولادة الكيان اللبناني بحيث أن القضايا والأمور والملفات التي يعنى بها هذا الصرح تعكس مدى الرغبة أن يكون هذا الوطن مستقراً وكامل السيادة وصاحب قرار وهذا ما يردده البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مواقفه الصريحة و «ديناميكيته» وتحركاته التي شكلت كثافتها محور نقاش وردات فعل في كافة الأوساط السياسية والإعلامية التي تريد من البطريرك مواقف على قياسها ووفق حساباتها وهو الأمر الصعب على رئيس الكنيسة المارونية المؤتمن على إرث كبير لهذه الكنيسة وبطاركتها فيسمع الزوار أن ما طال بكركي من حملة إعلامية هدفه إضعاف دور البطريركية لكي لا تكون حاضرة في التحولات وعند الاستحقاقات المصيرية لكن بعضا «مما كتب» لم يطل ما يعلنه البطريرك الراعي من مواقف بقدر ما كانت حملة هدفها ضرب الكنيسة ككل، ثم إن الأمور تصل إلى حل إبتكار رواية عن حوارات لم تحصل على غرار ما تبع لقاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالبطريرك الماروني من كتابات تناولت مضمون الحوار الذي لم يكن كما صور في بعض الإعلام.

لكن ماذا عن الموضوع المسيحي في ظل التحرك الأخير للأقطاب الموارنة الأربعة في إتجاه بكركي حيث عقدوا لقاءات بعيدة عن الأضواء مع البطريرك الراعي؟

حول هذا الموضوع يسمع الزوار أن سيد الصرح قلق جداً من تفاهم المكونات اللبنانية الأخرى على رئيس للجمهورية لا يكون من نتاج التفاهم المسيحي، لذلك كانت اجتماعات مع هؤلاء رؤساء الكتل المسيحية للتواصل معهم الى كيفية مواجهة هذا الأمر لأنه من غير المستبعد ان يحصل بلحظة من اللحظات تفاهم على غرار عدة تفاهمات سابقة كان المسيحيون خارجها ولذلك يكرر البطريرك الراعي دعوته لإنتخاب رئيس وضرورة حضور النواب إلى البرلمان لممارسة واجبهم في هذا الإطار.

ويتبين للزوار أن جانباً من اللقاءات التي عقدت مع هذه القوى الأربع تطرقت إلى ضرورة توحيد الرؤية المسيحية وتحديد الدور المستقبلي للمسيحيين في لبنان في ظل تطورات المنطقة، وكذلك إيجاد مطلب أو ورقة مسيحية لإعطائها للرئيس المقبل، بحيث يكون حاملاً لملف مرفوع إليه يتضمن هذه الهواجس، إذ لا تجد بكركي أنها مقصرة في دورها المسيحي من الناحية السياسية وسبق للبطريرك الراعي منذ إنتخابه أن دعا القوى السياسية المسيحية المارونية كافة وكذلك المؤسسات المارونية إلى اجتماعات لإستعراض الواقع المسيحي وإيجاد خطة انقاذية لكن هذا المسار توقف اثر التباين على قانون الإنتخابات بحيث إذا ما كان لبكركي موقف في إتجاه يحمّلها الفريق غير الموافق مسؤليات التنازل عن حقوق المسيحيين ولذلك يسمع زوار بكركي أن لا حماسة في هذا السياق. ومنذ ذلك الوقت ورغم الإستعراض للواقع المسيحي الإداري لم تحقق القوى المسيحية أي تقدم في إتجاه إدخال المسيحيين إلى إدارات الدولة التي بدأت تفرغ من حضورهم في حين أنهم يزايدون على بعضهم دون تقديم أي مكاسب لهذا الفريق المسيحي.

وعما إذا كانت بكركي ستلعب دوراً جديداً في جمع رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بعد أن اعرب الرجلان عن رغبتهما في الحوار، يسمع الزوار بأن جعجع كان أعلن عن رغبته بحوار العماد عون ثم رد عون بالايجاب وأن ثمة وسطاء بينهما مما يعني أن الطريق سالكة وهو ما تؤيده بكركي سيما البطريك الراعي الذي يدفع في إتجاه تفاهم القوى السياسية على رئيس، إحتراماً لمقام الرئاسة وحفاظاً لموقع المسيحيين في التركيبة اللبنانية ولانتظام عمل المؤسسات.

وحيال مفهوم بكركي للرئيس القوي في ظل المفهوم الخاص للأقطاب الأربعة وكذلك توصيف منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد بأن الرئيس القوي هو الذي لا يقبل بجيشين على أرض الوطن، يسمع الزوار أن بكركي تجد بأنه من الضرورة إنتخاب رئيس وحضانته مسيحياً وهي ستكون من الأوائل في هذا المجال، وستؤمن له كل الدعم اللازم، ولكن أيضاً على القوى السياسية أن تتخلى عن أنانيتها وكذلك تسهيل عمل الرئيس الجديد خلافاً لما أقدم عليه عدد من هذه القوى مع الرئيس السابق العماد ميشال سليمان في بعض مراحل عهده.

ورغم أن الكلام في بكركي بأن جعجع هو المرشح الوحيد الذي قارب هذا الإستحقاق بأسلوب ديمقراطي من خلال إعلان ترشحه وعرضه لبرنامجه، ولكن في الوقت ذاته تجد بكركي بأن مبادرته بتسهيل إنتخاب الرئيس تفترض خروجه كلياً من المعركة وسحب ترشيحه لا سيما أن كلاً من رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري ورئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة كانا اسمعا البطريرك الماروني أن ترشيح جعجع ليس نهائياً وإنتخابه رئيساً مستبعد ولذلك تفضل بكركي أن يعلن جعجع خروجه نهائياً من المعركة دون توقفها أمام خصوصية وإعتبارات اللعبة السياسية، في حين أن العماد عون لا يريد الخروج من المعركة وكذلك لم يقدم أي مبادرة في هذا الإطار بما يبقي ملف الإستحقاق عالقاً لأن قوى 8 آذار تقف خلف عون في موقفه وترد بأنها لا تقدم أي مبادرة طالما هو مرشح في وقت لم يقدم رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط على أي مبادرة في هذا ألإتجاه بل هو مصر على ترشيح النائب هنري حلو.

وتعرب بكركي عن انزعاجها من تصرف مارسته القوى السياسية وعكس أسلوبا انفعاليا حيال الاستحقاق الرئاسي وأدى إلى تجويف الإنتخابات من مضمونها الديموقراطي ومن هيبتها وقيمتها، إذ قبل اليوم الاول للاقتراع جاهر فريق بانتخاب جعجع للرئاسة وآخر اعرب عن رغبته بوضع ورقة بيضاء، وكذلك أعلن فريق ثالث عن تصويته للنائب حلو في مقابل تصرف مسؤول عبر عنه النائب ميشال المر بقوله أنه سيحكم ضميره وينتخب ما يمليه عليه الى هذا الموقع دون المجاهرة باسم المرشح حفاظا على سرية عملية الانتخاب.

وفي منطق بكركي بأن الظروف الإقليمية يجب الا تكون على حساب المسيحيين فقط ولا كذلك تداعيات الملف النووي بين واشنطن وطهران. إذ لماذا يتم تكليف الرئيس تمام سلام لتولي رئاسة الحكومة في ظل عوامل دولية وإقليمية معقدة ولا يطبق الموضوع عينه على رئاسة الجمهورية إذ مفترض أن ينسحب الواقع ذاته الذي حتم وصول سلام رئيساً للحكومة على رئاسة الجمهورية اللبنانية لإخراج لبنان من الفراغ.

وحول إنزعاج عدد من القوى السياسية والنواب لاتهام البطريرك الراعي لهم بأنهم مرتهنون إلى الخارج ويتقاضون الأموال من قوى إقليمية، يأتي الجواب في بكركي بأن بطريرك الراعي قال ما يجب قوله ومن غير الطبيعي أن ينتقي أسماء ويستثني أخرى، ولكن على من يجد نفسه مذنباً أن يتحمل المسؤلية ويصنف نفسه انه غير معني، وعليه عدم الإنزعاج. وقد فاتح عدة نواب البطريرك الراعي بهذا الموضوع وبقي على قناعته بان ثمة تقصيرا موصوفا من قبل النواب حيال ممارسة واجبهم بانتخاب رئيس.

وعما تبع موقفه الرافض التمديد للمجلس من التباسات بعد أن كان تفاهم والرئيس الحريري على هذا الموضوع، تشدد بكركي للزوار بأن هذا الموضوع لم يتم التفاهم عليه مع الرئيس الحريري في اللقاء الثنائي الذي جمعهما في روما في حين طرح رئيس كتلة المستقبل التمديد النيابي لإستحالة إجراء إنتخابات مع تعهده بالسعي الدائم لإنتخاب رئيس للجمهورية، لكن في الوقت ذاته شدد البطريرك على ضرورة انتخاب رئيس نظراً لوجود ثلاثة أشهر كافية قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي. كما أن الحريري كان واضحاً في مقابلته مع الإعلامي مرسيل غانم عندما أوضح هذا الموضوع واظهر هذا الواقع.

أما في ما خص دور بكركي إجتماعياً في ظل غياب المؤسسات المطلوبة في هكذا مرحلة على غرار ما هو الواقع عند غير مكونات، فحيال الشأن التربوي والمآخذ على المدارس الكاثوليكية تعتبر بكركي أن هذه المؤسسات تؤدي دورها دون تقصير وهي تهتم قدر الإمكان بعدد من الطلاب لكن الموضوع ذو شقين، تربوي وصحي:

– أولاً: إن للكنيسة المارونية ومؤسساتها مستحقات لدى الدولة التي لا تسدد ما يترتب عليها لا سيما فيما خص المدارس المجانية التي ترعاها الكنيسة بحيث تسدد الفواتير كاملة للمدارس في فلك معين ولا تدفع للجانب المسيحي إلا بعد سنوات ومع إقتطاع أكثر من نصف المستحقات، في حين أن هذه المدارس والجامعات تعفي أحيانا طلابا من مبلغ كبير من اقساطها وثمة دليل واضح الا وهو الميزانية السنوية التي تظهر ملايين الدولارات متوجبة على عديد من الطلاب الذين لا يقدرون على دفع هذه المبالغ ويتم إعفاؤهم منها

– ثانياً: المستشفيات الخاضعة للكنيسة التي لا تقصر في هذا المجال لكن في الوقت ذاته تتكبد سنوياً خسارات جمة، فمستشفى دير الصليب على سبيل المثال تضم ما يقارب الألف مريض لا يدفع إلى نحو 100 من العائلات ما يترتب عليها وكذلك الأمر في المستشفيات الاخرى لهذه المؤسسات التي تؤمن الطبابة بالممكن لأبناء الطائفة. فهل من الممكن أن ترفض مستشفى دير الصليب على سبيل المثال المرضى الذين يكبدونها أموالاً، بوضعهم على الطريق؟

لذلك هنا تعرب بكركي عن المها ومرارتها من أن التعرض لها بات أمراً سهلا دون معوقات أخلاقية بحيث لا يتوجه المواطنون إلى الدولة والسياسيين لتحميلهم المسؤولية فعلى سبيل المثال اساتذة المدارس الرسمية يعملون في المدارس الكاثوليكية مما يعني الكفاءة متوفرة في مدارس الدولة ولكن على المواطنين التحرك بإتجاه الدولة والسياسيين الذين يهدرون أموال الشعب وذلك بهدف تعزيز المدارس الرسمية والمستشفيات الحكومية، إذ لا دور للكنيسة إذا ما كانت الملاعب والغرف والشروط الصحية غير متوفرة وغير ومؤمنة في عدد من المدارس الرسمية فلماذا لا يتحرك المواطنون تجاه السياسيين لتأمين الحد الأدنى المطلوب لتعزيزها في وقت يسمع ويحكى عن صفقات وهدر في الدولة ومؤسساتها.

فالمطلوب على ما ينقل الزوار تنظيم الإدارة في الدولة لكي تكون المدارس والمستشفيات الحكومية في واقع جيد ،لأن هذه المؤسسات الكنسية وجدت لخدمة الانسان وهي تأسست نتيجة بيع الكنيسة لأملاكها وعقاراتها فهي لم تأتِ من العدم ولكن على السياسيين والدولة تأمين مصلحة المواطن وليس الإستهتار به. كما لا تستطيع هذه المؤسسات الاستمرار في النزف رغم ان البطريرك الراعي يعد، بعيدا من الأضواء، برنامجاً في هذا الحقل وفقاً للإمكانيات المتوفرة.