IMLebanon

القمح المسرطن: ليست الشحنة الأولى!

«في عام 2012 أرسل المدير العام لمصلحة الابحاث الزراعية العلمية ميشال افرام رسالة إلى وزارة الإقتصاد يحذّر فيها من نسبة الاوكراتوكسين المرتفعة التي وُجدت في القمح اللبناني. طُويت الرسالة ولم يفعل أحد شيء.

كذلك صدرت دراسة عن الجامعة اليسوعية تقول إن هناك نسبة أوكراتوكسين مرتفعة في القمح ولم يتحرك أحد»، هذا ما اعلنه وزير الصحة وائل أبو فاعور في الإجتماع الثلاثي لوزارات الصحة، الإقتصاد والزراعة، الذي عُقد أمس على خلفية السجال بين وزارتي الإقتصاد والصحة في ما يتعلق بشحنات القمح المسرطن التي دخلت الأسواق. حسم أبو فاعور السجال القائم، مؤكداً إذاً أنّ الشحنة التي تحدّث عنها أخيراً لم تكن الشحنة الأولى التي تدخل الأسواق وتحتوي على مواد مسرطنة، فالمشكلة «موروثة ومزمنة». لماذا «تُطوى» نتائج خطرة كهذه ومن يُدخل القمح المسرطن إلى البلد؟ لا إجابة لدى الوزراء. «من شحن القمح واضح أنه ذو شأن»، هكذا يعلّق أبو فاعور الذي اعترف بأنه يسعى جاهداً لمعرفة من هو صاحب الشحنة ولكنه لم ينجح حتى اليوم. من الواضح ان تجار القمح أقوى من الدولة، اذ أعلن أبو فاعور أيضا أن «منذ صدور القرار 57 الذي ينص على فحص وزارة الزراعة للقمح على الباخرة بعد تعديله من قبل الوزارات الثلاث اعترض التجار، ونحن اليوم نعمل على تعديله لذلك نحن بحاجة لعلاجات مشتركة سريعة ومن لا تلائمه القرارات فليراجع مجلس شورى الدولة». ماذا عن إحالة ملف الإهراءات الى القضاء في العام الماضي؟ يجيب أبو فاعور أنّ «القضاء حوّله الى القدر»، ليتدخّل حكيم بالقول أنّ «القضاء مهم لكن مسؤوليتنا المشتركة اهم». تُظهر هذه الأمور حجم المافيا المسيطرة على سلسلة الغذاء: مافيا تُدخل قمحاً مسرطناً بمعرفة الوزارات المعنية من دون أن تحاسب، تُعطّل قرارات الوزارات وتمنع فتح الملفات في القضاء.

الإجتماع الذي عُقد لوضع آلية لمراقبة القمح، كان أقرب إلى تقاذف المسؤوليات، إذ أعلن حكيم أن «لا شيء يدخل إلى المرفأ من دون أن يخضع لتحاليل وزارة الزراعة، ولا شيء يخرج من الحرم الجمركي من دون أن توقّعه وزارة الزراعة وخاصة في ما يتعلق بتحليل الاوكراتوكسين»، لكن وزير الزراعة أكرم شهيب، أشار الى أنّ وزارة الزراعة مسؤولة عن تحليل القمح عند دخوله إلى مرفأ بيروت وفحصه عند خروجه اذا تجاوزت مدة تخزينه 30 يوماً لكن عندما يدخل الى الاهراءات يصبح من مهمات وزارة الاقتصاد. إذاً من المسؤول؟

حكيم وأبو فاعور أعلنا أن لا تناقض في النتائج، إذ إنّ العينات التي أخذتها وزارة الإقتصاد تختلف من حيث المكان والزمان عن عينات وزارة الصحة التي لم تأت جميعها سلبية. جرى الإتفاق في النهاية على متابعة التشدد في الاجراءات المتعلقة بسلامة القمح واجراء التحاليل المختلفة على القمح المعد للاستهلاك البشري، وبشكل خاص على الافات الحجرية والتوكسينات الفطرية ومنها الافلاتوكسين والاوكراتوكسين على ضوء ما ظهر من نتائج غير مطابقة للمواصفات من حيث النسب المرتفعة لهذه المواد.