IMLebanon

مَن يُحدد جدول الأعمال؟

تأخّر رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في استئناف دعوة المجلس للانعقاد، ولكن «أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً»، فبصرف النظر عن النتائج التي آلت أو ستؤول إليها الدعوة لعقد الجلسات يبقى رئيس الحكومة هو الرابح، حتى في احتمال استقالة الحكومة لأي سبب كان لكونها ستبقى تصرّف الأعمال حتى تشكيل حكومة بديلة، وهي منذ ما بعد تشكيلها بوقت قصير لم تكن إنجازاتها تتعدّى أعمال حكومات تصريف الأعمال.

ومهما كانت النتائج التي ستسفر عنها الدعوة للجلسة والجلسات المقبلة، فإن رئيس الحكومة لن يكون معرضاً لخسارة تفوق تداعيات تجميد دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، حتى أنه يمكن أن يكون رابحاً في حال استمرار دعواته وتعطيل الجلسة من قبل بعض وزراء الكتل الممثلة بالحكومة، باعتبار أن جدول أعمال الجلسة الذي تتمحور حوله وجهات النظر المتضاربة يستند إلى نصوص دستورية واضحة، بينما وجهات النظر الأخرى هي غير ذلك تماماً وإن كانت مقبولة في بعض الغايات التي تنشدها.

ففي المادة 64 ـ دستور وفقرتها السادسة تحديداً النص على أن رئيس مجلس الوزراء «يدعو المجلس إلى الانعقاد ويضع جدول أعماله ويطلع رئيس الجمهورية مسبقاً على المواضيع التي تضمنها وعلى المواضيع الطارئة التي ستبحث». وبهذا يكون تحديد جدول الأعمال منوطاً برئيس مجلس الوزراء تحديداً. ولكن في الحالة الحاضرة هناك شغور في سدّة رئاسة الجمهورية. فكيف يمكن أن «يُطلع» رئيس مجلس الوزراء رئيس الجمهورية الذي «يسدّ مجلس وزراء شغور سدته عملاً بالمادة 62 ـ دستور؟»، واستطراداً كيف يمكن أن يمارس مجلس الوزراء «صلاحيته الرئاسية» في جدول الأعمال؟

يظهر جلياً من نص الفقرة السادسة المشار إليها سابقاً أن «مجلس الوزراء ـ الرئيس» يقتصر دوره على «أخذ العلم» بما يتضمنه الجدول باعتبار أن «الاطلاع» لا يولي دوراً تقريرياً. ولكن صلاحية «مجلس الوزراء ـ الرئيس» جاءت مطلقة وبالتالي فيمكنه ممارسة جميع الصلاحيات المنوطة برئيس الجمهورية. فالقاعدة تقول إن المطلق يكون على إطلاقه، ولأن المشترع لم يضع آلية لممارسة مجلس الوزراء الصلاحيات الرئاسية فإنه يكون بذلك قد ترك ذلك للنصوص التي تحكم عمل مجلس الوزراء.

من هذا المنطلق تمكن العودة إلى المادة 53 ـ دستور التي تحدد صلاحيات كثيرة من صلاحيات رئيس الجمهورية، ففي الفقرة 11 منها جاء التالي: «يعرض (أي رئيس الجمهورية) أي أمر من الأمور الطارئة على مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال». ولذلك فإن وضع جدول الأعمال من رئيس مجلس الوزراء تحديداً يمكن أن يُضاف إليه من دون موافقة صاحب الاختصاص الأساسي، أي رئيس مجلس الوزراء، أي بند يقرّه «المجلس الرئيس» بأكثرية الثلثين، وبهذا يكون رئيس الجمهورية صاحب صلاحية توسيع مواضيع الجدول ويستحيل عليه اختصار مواضيعه عند الإطلاع عليه.

يتبيّن من ذلك أن أي تغيير في جدول الأعمال والمواضيع الطارئة التي ظهرت بعد إعداده، سيان أكان ذلك إضافة أم اختصاراً، لا يمكن أن تجد سنداً قانونياً لها قبل انعقاد مجلس الوزراء. فتجاوز ذلك يعني بوضوح الإصرار على مخالفة الدستور التي لا تجد ما يبررها مهما كانت الأسباب لكونها من «كبائر الكبائر»، وإذا كان الخلاف على جدول أعمال يعطل سلطة، فكيف يمكن تصوّر الواقع عند الاختلاف على المضمون؟