IMLebanon

من يطمر نظاماً فشل في إدارة النفايات؟

تأخر رئيس لجنة البيئة النيابية النائب مروان حماده كثيرا ليطرح سؤاله التاريخي أمس: «من وضع معايير مناقصات النفايات ودفاتر الشروط؟». وعلى المنوال نفسه، كان يمكن أن يضيف: من طبخ القرار رقم واحد في مجلس الوزراء وقسّم المناطق وهندس الشروط؟

استشعر حماده بالأمس، بعد اجتماع اللجنة، أن هناك جواً من التشاؤم سيترافق مع فض العروض لمناقصة بيروت اليوم ومع كل العروض الثلاثاء القادم! مما يدفع الى السؤال أيضا: اين كانت لجنة البيئة النيابية حين كتب الكثير حول نواقص هذه المناقصات وتم إطلاق عشرات التحذيرات من الوصول الى الكارثة التي وصلنا اليها فعلا اليوم؟

يعلم المتابعون أن مجلس الوزراء هو، في النهاية، من قسّم وفصّل في قراره رقم واحد (تاريخ 12/1/2015) وتعديلاته هذه المناقصات الجديدة، ان لناحية تقسيم المناطق، أو لناحية اشتراط ان يختار العارض التقنية والمواقع. بالإضافة طبعا الى شروط التأهيل للدخول في المناقصات.

وتتوقع المصادر أن يحصل خلاف داخل اللجنة الفنية لفض العروض حين سيتم فتح العروض الفنية، والتي يفترض ان يحدد فيها العارض التقنية والموقع الذي اختاره والمستندات اللازمة التي تؤكد انه حصل على الموافقات المطلوبة لاختيار هذا الموقع. وقد يعتبر البعض انه لا داعي لفض العرض المالي لمعرفة سعر العارض اذا لم يكن العرض الفني قد استوفى الشروط. مع اعتقاد كثيرين، ان الدولة التي عجزت طوال السنوات الماضية عن إيجاد الأماكن البديلة لمطمر الناعمة، لن تستطيع ان تطلب من شركة ان تؤمن ذلك، الا اذا كان هناك معجزات، على الطريقة اللبنانية.

ويتوقع البعض، عندما يحصل الخلاف في اللجنة الفنية المشرفة على فض العروض، أن يتم رفعه الى اللجنة الوزارية، التي سينتقل الخلاف إليها، ليتم رفعه في النهاية الى مجلس الوزراء الذي سيقف عاجزا من جديد عن ايجاد الحلول، لا سيما عندما يتم وضعه امام خيارين: اما ان العارضين لم يختاروا أماكن وتركوا الأمر لمجلس الوزراء، وإما أنهم اختاروا أماكن ستكون حتما مرفوضة من السكان المجاورين كما يحصل الآن وكما هو متوقع. وبالتالي لن يبقى امام مجلس الوزراء، اذا اجتمع، سوى ان يعدل قراره وان يعيد المناقصات على أسس جديدة مطعمة بأفكار إستراتيجية لا تراعي أحدا من المستثمرين ولا من القوى السياسية المتحاصصة. واذ يستبعد البعض ان تخرج الطبقة الحاكمة الحالية بشيء استراتيجي ومقبول، يتوقع ان يصيب ملف النفايات ما أصاب ملف الكهرباء. اي ان يتعود لبنان على الفوضى في ادارته، ويتحكم متنفذو الأحياء والمناطق بإنشاء شركات او جمعيات – شركات خدماتية للنفايات، على طريقة المولدات الخاصة بالاحياء، تتبع طرقا مختلفة في المعالجة، بين الرمي العشوائي وايجاد مواقع تقبل بالرمي او الفرز والتجميع والتخلص من الباقي كيفما اتفق.. أو غير ذلك من البدع اللبنانية او تلك التي قد تكون مطعمة بافكار من سماسرة لشركات أجنبية..

في حديثه عن المرحلة الآتية قال حماده: «يمكن ان نذهب الى اعادة طرح المناقصة. في الوقت نفسه، سمعنا من وزير البيئة ان هناك دفتر شروط يعد للمحارق ويحتاج الى وقت والى مجلس وزراء. معنى ذلك اننا نريد مجلس وزراء مستعدا ومؤهلا لان يتخذ قرارات. هناك بعض القوى لم توقع المرسوم، هناك كذلك نقاش حول الاربعة ايام والستة اشهر والاربع سنوات».

واضاف: «قبل المحارق علينا ان ننظم انفسنا ونختار اماكن يسمونها تجميع للنفايات. طبعا مراحل الترحيل تدرس، ولكن الترحيل يحتاج الى معايير مقبولة خارجيا وقابلة للترحيل في الداخل».

وقد خرج اكثر من مراقب لاجتماع لجنة البيئة بالامس بانطباع، ان لا متابعة جدية للملف، تماما كما هي الحال في مجلس الوزراء، وان الأمور ذهبت الى المزيد من التأزم حتما.

ويبدو ان بعض المجموعات التي تحضر لتظاهرات الغد احتجاجا على طريقة ادارة هذا الملف، قد وفّقت باختيار شعار «النظام ما بدو إعادة تدوير، النظام بدو طمر».

فهل حان الوقت لدفن وطمر هذا النظام السياسي الذي مات منذ زمن، بعد ان فشل في ايجاد الحلول لأبسط القضايا؟ ومن سيقوم بهذا الدور بعد ان فشلت قوى المجتمع المدني حتى الآن في بلورة بدائل معقولة ومنتظمة بعض الشيء؟ وهل ستشارك جمعية الصناعيين في تظاهرة الغد، خصوصا بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده، أمس، رئيسها فادي الجميل، معلنا رفض خطة المحارق الحكومية، حرصاً على صناعة اعادة التدوير، اسوة ببعض الجمعيات البيئية التي تعمل في هذه الصناعة؟