IMLebanon

ومن يرضي الوطن؟  

 

بدعة حكومات الثلاثين وزيراً لم نعرفها، في لبنان، قبل تسعينات القرن الماضي. فمنذ الركون الى الحكومات الفضفاضة، المسمّاة «موسّعة» بدأنا نسمع بشيء ما إسمه «المحاصصة». ولسنا ندري أي فكر شيطاني دفع بنا الى هاوية الحكومات التي هي أكبر من حاجة لبنان بكثير.

 

فهل إن حكومات «الزمن الجميل» لم تكن وطنية؟ أو لم تكن لتقوم بواجباتها كاملة؟

نحن لا ندعو الى حكومات «الإنقاذ الوطني» التي عرفناها في السابق، فعندما كانت الأزمات تشتد لم يكن الحسّ الوطني يلجأ الى الإسترضاء، وإلى «الخاطر شان»، وإلى تعميم توزيع «الجوائز» على هذا وذاك… إنما كانوا يلجأون الى «الرباعية» غير مرة: مثلاً حكومة يرأسها الحاج حسين العويني وتضم عبداللّه اليافي وبيار الجميل وريمون اده.

لم يكن مثل هذا النموذج معتبراً هجيناً ببساطة لأن العويني واليافي والجميل وإده لم يكن أي منهم يمثل في الحكومة حزباً أو فريقاً أو مذهباً أو طائفة، إنما كان يمثل لبنان بأطيافه كافة. لذلك كانت الحكومة تمثل اللبنانيين جميعاً، وتعمل للبنان كله. تُشكل، «تنزل» الى مجلس  النواب، تتقدم بطلب الثقة «من مجلسكم الكريم» كما كان يختم رئيسها بيانه الوزاري. يُجرى التصويت. تنال الحكومة الثقة، وعلى الأثر يدلف النواب الى منصة الوزراء الذين يتقبلون ورئيسهم التهاني، ويكون أقطاب المعارضة في طليعة المهنئين…

واليوم، بعدما درجنا على بدعة حكومات الثلاثين بتنا في وضع هجين فعلاً. فالحكومة أصبحت مجلس نواب مصغّراً، إذ ثمة حرص على أن تتمثل فيها الكتل النيابية كافة مبدئياً. وبالتالي فإنّ الحكومة إذ تمثل أمام مجلس النواب، فإنما تمثل أمام ذاتها؟!. وفي المقابل عندما يناقش النواب الحكومة مجتمعة أو فرادى فإنما يناقشون أنفسهم. وهذا في المطلق والمبدأ مناقض تماماً لروح الدستور.

ثم لماذا هذا الإسراف في عديد الوزارات. ونأمل ألاّ يكون صحيحا ما يتردّد عن إتجاه الى زيادة عدد الحقائب الوزارية مثل تحويل وزارة الخارجية والمغتربين الى وزارتين. ووزارة الأشغال العامة والنقل أيضاً الى وزارتين. وكذلك بالنسبة الى وزارة الداخلية والبلديات. وربما كذلك وزارة الطاقة والمياه.

وهذا كله من أجل إرضاء فلان أو علتان…

وفي تقديرنا لو حصل ذلك كلياً أو جزئياً في الوزارات التي أشرنا إليها فهو لن يتعدى، في نظرنا، أن يكون «رشوة» مكشوفة.… خصوصاً وأن أوضاع لبنان المالية تحديداً والإقتصادية عموماً لا تسمح بهذا الترف. بل لعلها لا تسمح حتى بأقل منه بكثير.

في أي حال، نأمل أن يحمل الأسبوع المقبل جديداً في إتجاه حلحلة حكومية بعدما أخذت الأزمة تأكل بلداً متآكلاً أساساً.

فهل يتقون اللّه في هذا الوطن؟!