IMLebanon

لماذا استدعي الحريري الى واشنطن؟

 

لا داعي للخجل. كل تلك القامات، المقامات، من انتاج القرن التاسع عشر. نحن، بكل كبرياء، أولاد القناصل. حدقوا، مليّاً، في وجوهنا…

 

أسوأ بكثير من أن تكون الدويلات، الكانتونات الغيتوات. اللادولة، بالمحميات الطائفية ، وقد أنشئت لتبقى. انتبهوا، حاول الجنرال غورو اعادة النظر في «دولة لبنان الكبير». ثمة من صرخ في وجهه : اياك…

 

نقول للرئيس نبيه بري. لا مسوّغ لوجع الرأس. المادة 95 من الدستور هي المادة المحرمة. لبنان أقيم ليكون مستودع الطوائف المقدسة.

 

الشرق الأوسط الجديد يتشكل. اسرائيل (خاصرة الله كما وصفها الحاخام كاهانا) تدخل الى المعادلة، لا من الباب الأميركي (هاري ترومان)، ولا من الباب الانكليزي (آرثر بلفور)، وانما من الباب العربي. لندع النجمة السداسية ترفرف على قبر يعرب بن قحطان. شقيقتنا العزيزة تشاركنا السراء والضراء. لولاها لما بقي عربي في مكانه. هل ثمة من مكان لأي عربي؟

 

ما نشهده في لبنان بمثابة الهزات الارتدادية للزلزال. بالحرف الواحد غرد مسؤول عربي «ألم يقل القرآن بالتوراة كتاباً منزلاً؟ دعونا نحطم حجر قايين الذي كان حجر عثرة بيننا وبين بني اسرائيل».

 

لسنا مع أحد من كرادلة الطبقة السياسية. بيان السيدة اليزابت ريتشارد لتذكيرنا بأننا جزء من الحالة الأميركية في المنطقة. لكننا بلد لم يبق فيه حجر على حجر. هذا هو السيناريو الأمبراطوري: شيء ما يشبه فوضى النهاية…

 

لا تعنينا التفاصيل (البيزنطية) التي يتراشقون بها، دون أي اعتبار للتراجيديا اليومية. سفير دولة أوروبية قال: أخشى أن يفعلوا بكم ما فعلوه في الصومال؟

 

كما لو أن اخفاق الطبقة السياسية حتى في ادارة الأزمة، ولو بالتسويات الكاريكاتورية، من مقتضيات المرحلة. واقعاً، سقطت الجمهورية، وسقط الجمهور…

 

وراء الضوء، اسئلة كثيرة حول ما يتم اعداده في المطابخ الكبرى، وتوابعها، حيال التركيبة اللبنانية التي شاخت وآن الأوان لتغييرها.

 

لا بد من أن ينقلب المشهد اللبناني رأساً على عقب. كيف؟ انظروا الى الأسواق وهي تتدهور، الى الناس وهي تتدهور. الساسة غافلون أو متواطئون بانتطار الساعة التي تتبعثر فيها حجارة الشطرنج.

 

دونالد ترامب لن يغادر قبل خراب الدنيا (والآخرة؟). نحن جزء من الخراب العام. رجل يكرهنا. حتى في بلاده أطلق العنان للكراهية البيضاء. انتظر يومين للتعليق على مجزرتي تكساس واوهايو. لم يغرد، كالعادة، ويربت على كتفي القتلة. ثمة من وضع له بياناً مكتوباً بلغة انجيلية. رأى ضرورة «الحاق الهزيمة بالايديولوجيات الشريرة». ثم «لا مكان للكراهية في أميركا لأنها تفضي الى تقويض العقل، والى تخريب القلب، والى اندثار الروح».

 

هذه المنطقة التي كانت أرض الآلهة باتت أرض الكراهيات. عرب ضد عرب. الركام ضد الركام. الكراهية بين اللبنانيين حول ماذا؟ حتى لا مجال لقواعد الاشتباك…

 

الكل في الخنادق. الايرانيون رفعوا الصوت « نحن، وحدنا، المسؤولون عن أمن الخليج». الفرنسيون والألمان حبسوا أنفاسهم. هل المشاركة الاسرائيلية مبرمجة، وتعني أن ليلة السكاكين الطويلة قد أزفت؟

 

ما يحدث، من باب المندب الى شاطئ المتوسط، مروراً بمضيق هرمز، يشي بأن الصرخة التوراتية (ولولي أيتها الأبواب) باتت وراء الأبواب. تابعوا ما يكتب في باريس وبرلين. أما من أحد يعترض على رقصة الهاوية؟

 

الرئيس نبيه بري دق ناقوس الخطر. لتتوقف ثقافة التسول (حتى التسول السياسي والتسول الاستراتيجي). للمرة الأولى يبدو متجهماً. ماذا يتراءى له في ذلك الأفق؟

 

خوف فرنسي من انهيار المؤسسات. تالياً، من انهيار الدولة. أوبير فيدرين يدعو الى «أن يمسك أحدهم بقرني الشيطان». الشرق الأوسط قد يكون الشرارة. لماذا، في هذا الوقت بالذات، قرر دونالد ترامب نصب صواريخ حول الصين؟ ولماذا قررت الهند، في هذا الوقت بالذات، تغيير الوضع القائم، من عقود، في كشمير؟

 

هل خريطة الشرق الأوسط التي تتغير أم خريطة العالم؟ لكأن الكرة الأرضية خرجت عن النظام الكوني. لم تعد تدور حول الشمس، بل حول ذلك الكوكب الآخر الذي يدعى… جهنم !

 

في لبنان، اللعب بالنار في ذروته. استعادة احتفالية للقرن التاسع عشر. متى نجد الأساطيل تختال على شواطئنا؟ الحكومة في موت سريري. الدولة في موت سريري. لماذا استدعي الرئيس سعد الحريري الى واشنطن؟ لا يكفي أن نقرأ بيان السفارة لنعلم. شيء ما في السلة الأميركية.

 

قلق… !!