IMLebanon

الورشة

 

لبنان في ورشة، وهي ورشة متعدّدة الجوانب: فهناك ورشة مكافحة الفساد التي بلغت هيئاتٍ وأفراداً ممّن كان يقال فيهم إنهم كإمرأة القيصرة «فوق الشبهات».

 

فليس قليلاً أن يحال عسكريون وأمنيون من رتب مختلفة، بينهم العالية، الى القضاء والى التأديب والى هيئات التفتيش!

 

وليس قليلاً أنّ يحال قضاة على المساءلة القضائية، وعلى التفتيش وعلى مجلس التأديب. وأن تُكفّ أيدي قضاة آخرين، وأن تُنهى خدمات سواهم!

 

وليس قليلاً أن تفتح الملفّات بهذا الحجم الكبير وسط إجماع من قبل المسؤولين على أنّ أحداً ليس فوقه غطاء. وعلى أن ما فُتح من ملفات لن يُقفل إلاّ بعد وصوله إلى خواتيمه.

 

وأن «الحبل عَ الجرّار».

 

إنها مرحلة تحدث ارتجاجاً في العقل الجماعي اللبناني الذي لم يعتد على هكذا ورشة لمكافحة الفساد، إلاّ نادراً لذلك رأينا المواطنين يشكّكون في البداية، ثم راحوا يقولون: ربّـما!

 

ثم تطورت مواقف الناس (وفق استطلاعات رأي رصينة) الى اعتبار ما يجري بداية خير.

 

والورشة لم تتوقف عند الناحية الإصلاحية، إنما تجاوزتها إلى إجراءات تنفيذية بارزة، ولعلّ أبرزها قاطبة إقرار خطة الكهرباء في مجلس الوزراء وبالإجماع أيضاً. والواقع أن وراء هذا الإجماع سبباً وجيهاً: لقد اكتشف من لم يكن قد أدرك ذلك بعد أنّ الخطة سائرة الى الإقرار بالأكثرية (على ما توافق عليه رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري) وبالتالي فإنّ من يقف في وجهها سيتحمل مسؤولية مباشرة أمام الرأي العام الذي لا نقول جديداً عندما نزعم أنه يؤثر خطة الكهرباء ويقدمها على سواها بما في ذلك مسألة مكافحة الفساد.

 

وقريباً تقر الموازنة العامة (وإن متأخرة) صحيح أنها لن تكون الموازنة المطلوبة إلاّ أنها ستكون بالتأكيد، منطوية على بنود إصلاحية تصر عليها الجهات الدولية بدءاً بالبنك الدولي والبلدان المعنية بؤتمر «سيدر -1» (باريس – 4) . ومع أن الاصلاحات ستكون محدودة في الموازنة إلاّ أنها مؤشر على أن الجميع أدركوا أنّ المضي بأسلوب الموازنات السابق لم يعد مجدياً، إلى كونه مرفوضاً من الأطراف الدولية ذات الصلة بتقديم بعض أوجه الدعم إلى لبنان.

 

ويمكن الاستطراد أكثر في هذه الورشة التي لا شك في أنّها ما كانت لتبصر النور ولتمتد، ولتبلغ مداها لولا بضعة عناصر:

 

أولاًَ: – الشعور العام بأنّ البلد لم يعد فقط على حافة الانهيار، بل تجاوزها انحداراً.

 

ثانياً – التسوية الرئاسية، مستمرة المفاعيل، التي من أبرز معالمها التوافق بين عون والحريري.

 

ثالثاً – وجود الرئيس عون في سدّة الرئاسة الذي تعهّد بإصلاحات يأمل اللبنانيون أن تتحقق مع ما بات معروفاً بــ»حكومة العهد الأولى».

 

رابعاً- مع هذه النسخة من «سعد 2019» الذي هو غير «سعد 2000» كما قال رئيس الحكومة ويكرر القول.